ديوان على موائد العري
للشاعر عمر الحسني
jeudi 16 janvier 2025
سر المهمة 5601. الجزء الثاني
مقدمة
في هذا الجزء من سر المهمة 5601 الجزء الثاني،للراوي الكاتب المتألق في الشعر الرمزي والرواية, تستمر رحلة الدكتور نوفل الباز، العالم الفذ والإنسان الحائر بين العلم والقيم في مذكراته في مواجهة أعقد التحديات التي تقف على عتبة المستقبل. بين أروقة المختبرات ودهاليز السياسة، يكشف الباز في مذكراته عن أسرار غامضة، وأحداث مثيرة حُجبت عن الأنظار، تتشابك فيها خيوط الواقع والخيال.
من خلال تصور عميق لمستقبل الإنسانية، يعيد الراوي عمر الحسني بجغرافية الحرف . تشكيل العالم في ضوء اختراعات تكنولوجية جريئة وأزمات وجودية تمزج بين الأمل واليأس. هذه الرواية ليست مجرد تأريخ لماضي شخصية الدكتور الباز، بل هي نافذة تتحدى القارئ لاستكشاف مآلات البشرية في ظل طموحاتها اللامحدودة وصراعاتها المتجددة.
"مذكرات الدكتور نوفل الباز" هي دعوة للتفكير في مصيرنا المشترك بين عبقرية الابتكار وخطورة الانحراف.
الدكتورة سهام الطرابلسي
أستاذة جامعية في الأدب الفرنسي والانجليزي
بريطانيا لندن .
تمهيد
بعد كتابة سر المهمة 5601 في الجزء الأول تضاربت علي الأفكار من أبجدية الحروف للخروج من العدم لحيز الوجود لكي تتجلى للبشرية عن مخططات تحبك في الخفاء لتدمير البشر واستغلالهم من طرف أصحاب القرار لمصلحتهم منذ قرون حيث نصبوا على رأس كل دولة عملائهم باسم الدين وباسم الدمقراطية وباسم الأخوة ... والشعوب في غفلة عن الواقع فالحروب القائمة ليست إلا سيناريوا لحرب باردة لإلهاء الناس عن حقوقهم واستغفالهم من أجل المصلحة وتكديس الثروة ... ففي الجزء الثاني تطرقت لمجموعة من المواضيع يثيرها الخيال وما وراء الطبيعة مع ادخال بعض الحكايات للترفيه عن النفس وأخد العبرة . من المحتمل كتابة الجزء الثالث والرابع والخامس إن بقيت على قيد الحياة .
الراوي عمر الحسني
الحلقة 01. ....
مر شهر على وفاة الفقيد الدكتور نوفل الباز.
كان الأمر غريبًا عندما قررت تفقد شقته. كان هدفي التبرع بملابسه وبعض ما تركه للفقراء حسب وصيته. وبينما كنت أتجول بين أركان غرفته، وجدت نفسي أمام مكتبته المليئة بأندر الكتب وأثمنها. لفتت انتباهي روايات شكسبير، لكن ما أثار فضولي أكثر هو مذكرة مهترئة مختبئة بين الرفوف.
أمسكت بها بحذر وفتحتها. الصفحة الأولى كتب عليها بخط عريض:
"سري للغاية".
وفي الصفحة التالية:
"مدينة طنجة، 16 فبراير 2012
بعد عودتي سالمًا من جزيرة الأفاعي، أُدخلت إلى مصحة سرية في الدار البيضاء لإجراء عملية جراحية غيّرت ملامحي بالكامل. بعدها قررت الاستقرار في مدينة البوغاز، لماذا؟ لأن المغرب هو البلد الوحيد الآمن في العالم.
هناك، تعرفت على الراوي، الأستاذ جمال، والسيد عبدين الرجل المرح. كنا نلتقي يوميًا في مقهى باريس. لكن خلف جلساتنا اليومية البسيطة كانت هناك أسرار تحبس الأنفاس. إحدى تلك الأسرار تعلقت بملفات سرية حملتها على هاتفي 'روبوت جي-90' أثناء تواجدي في منطقة برمودا. تلك الملفات تتعلق بفرسان الهيكل وتكنولوجيا غامضة تفوق ما نعرفه بمئات السنين.
أكثر ما شدني في تلك الملفات هو ذكر المنطقة 51، تلك القاعدة الأمريكية التي يحيطها الغموض. هل هي فعلاً مرتبطة بالفضائيين؟ أم أن هناك أمورً أخطر بكثير؟ لقد عثرت على معلومات عن تجربة سرية عُرفت باسم
"تجربة أبيجيل".
بدأت التجربة قبل عقود طويلة بقيادة العالم ألبرت ويسكر. لأسباب مجهولة، قرر استخدام ابنته أبيجيل كفأر تجارب. كانت فتاة جامعية مهتمة بعلوم الوراثة، لكن حياتها تغيرت إلى الأبد بعد أن خضعت لاختبارات قاسية وحقن بمواد غامضة. تحولت أبيجيل إلى كائن مخيف بطول يتجاوز ثلاثة أمتار وأنياب أشبه بمصاصي الدماء. لم يكن بإمكانهم السيطرة عليها، فقتلت حراسها عدة مرات وحاولت الفرار.
الغريب أن تلك التجربة لم تكن الوحيدة. ففي تلك القاعدة أيضًا جرت تجارب أخرى لاستنساخ البشر وتهجينهم، بجانب تطوير روبوتات شبيهة بالبشر وطائرات حربية متطورة. بل هناك ما يسمى بطائرة "يوم القيامة"، مركبة فضائية قادرة على إنقاذ الشخصيات المهمة في حال وقوع حرب نووية.
أما الدكتورة كلوريا، أستاذة علوم الأحياء، فقد تلقت دعوة غامضة من مكتب التحقيقات الفيدرالي لتحليل مادة مجهولة. بعد أسبوع من العمل في مختبر تحت مراقبة مشددة، عادت إلى منزلها. لكنها سقطت في غيبوبة مفاجئة لم ينجح الأطباء في تفسيرها. بعد أسبوعين، توفيت، ودفن سر المادة التي تعرضت لها معها.
أصبحت أؤمن أن كل ما يُشاع عن المنطقة 51 ليس مجرد خيال علمي، بل هناك حقائق تفوق تصور البشر. فهل نحن حقًا وحدنا في هذا الكون؟ أم أن أسرارًا أخرى تنتظر من يكشف عنها؟"
الحلقة 02
أعدت المذكرة والهاتف "روبوت جي 90" إلى الخزانة بعناية، ثم قررت الخروج لتصفية ذهني ولقاء صديقي الأستاذ جمال في مقهى باريس. كان ذلك المكان المفضل للفقيد نوفل، وكأن حضوره لا يزال يطغى على كل ركن فيه.
عندما وصلت، وجدت جمال جالسًا عند طاولته المعتادة. رفع رأسه ورحب بي بابتسامته الهادئة:
"عزيزي الراوي، أرى وجهك شاحبًا اليوم. هل كل شيء على ما يرام؟"
جلست وأخذت رشفة من فنجان القهوة قبل أن أرد:
"يا أخي جمال، تشغلني بعض الأمور... كما تعلم، أنا في طور نشر روايتي الجديدة، لكن المشكلة التي أعاني منها هي نفسها التي يعاني منها الكثير من الكتاب اليوم. القراءة لم تعد تحظى بالاهتمام كما في السابق. أتذكر أيامًا كان فيها الكتاب رفيق الناس في كل اللحظات، وكانوا يتهافتون على شراء الروايات، القصص، وحتى دواوين الشعر. أما الآن، أصبحت الهواتف الذكية هي المسيطرة، ولم يعد أحد يُمسك كتابًا بين يديه إلا نادرًا. إذا فعل ذلك، يعتبره الناس كأنه يعيش في زمن المنفلوطي أو طه حسين، أو حتى عصر أبي العلاء المعري وعنترة بن شداد."
تنهد جمال بحسرة ثم قال:
"للأسف، يا صديقي، أصبحت التفاهات تسيطر على وسائل التواصل الاجتماعي واليوتيوب. هذا عصر السرعة والمحتوى السطحي، وأصبح الكتاب يواجه معركة شرسة لاستعادة مكانته."
نظرت إليه مطولًا قبل أن أقول:
"لكن، يا جمال، المشكلة ليست فقط في القراءة. لقد نبهتني الدكتورة سابقًا إلى أن نشر روايتي في الوقت الحالي قد يثير الجدل. وأنا أتفهم رأيها، لكنني لا أستطيع أن أتوقف. الرواية جاهزة للنشر، ومهما كانت الظروف، لا أرى سببًا لتأجيلها."
هز جمال رأسه وقال بحذر:
"رأيي أن تتريث قليلاً. الأوضاع مشحونة في كل مكان، خاصة في هذا الوقت الحساس. نحن نعلم أن النظام المغربي مسالم، لكن نشر روايتك قد يخلق أزمة دبلوماسية، خاصة إذا تطرقت إلى موضوعات حساسة تخص إسرائيل. نحن الآن في فترة تطبيع، وأي خطأ قد يضر بالمصلحة الوطنية."
ابتسمت قليلًا وقلت:
"يا جمال، أنا لست ضد اليهود، بل أعتبر التطبيع مبادرة جاءت استجابة للتغيرات العالمية. اليهود إخواننا، وأبناء عمومتنا من نسل يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام. لكن الصهيونية العالمية شيء مختلف تمامًا. إنهم يتحكمون في الاقتصاد العالمي عبر أجناس مثل الماسونية والمتنورين، وعائلات مثل روتشيلد التي تواجه صراعًا مستمرًا مع القوى الكبرى مثل روسيا. المشكلة ليست مع اليهود كدين أو شعب، بل مع السياسة التي تحكمها المصالح."
بينما كنا نتحدث، اقتربت منا سيدة مسنة تحمل يدها المرتعشة صحنًا صغيرًا. كانت تسأل الناس باب الله، نظرت إلينا بخجل قبل أن تمضي إلى الطاولة التالية.
قال جمال بعد أن رحلت:
"يا عزيزي الراوي، هل لاحظت كيف تفشت ظاهرة التسول بشكل خطير؟ هذا الأمر يؤثر بشكل مباشر على الجانب السياحي للبلاد. السياح لم يعودوا يشعرون بالراحة وهم محاطون بهذا الكم الهائل من المتسولين."
أومأت برأسي وقلت:
"المشكلة أعمق مما تبدو عليه. في يوم من الأيام، كنت في متجر صغير لشراء بعض الحاجيات، ودخلت عجوز قدمت للبقال رزمة من الدراهم، قيمتها حوالي 453 درهمًا. عندما رأيتها، أدركت أن التسول لم يعد مجرد وسيلة للبقاء، بل أصبح تجارة مربحة دون عناء."
نظر إلئ جمال باستغراب وقال:
"الأمر مؤلم حقًا. هناك من يحتاج فعلاً للمساعدة، وهناك من يستغل طيبة الناس. لكن المشكلة الأكبر أننا كدولة نفتقد لآليات حقيقية لمحاربة هذه الظاهرة دون المساس بالفقراء والمحتاجين الحقيقيي
أنهينا حديثنا وكأننا نحمل على عاتقنا هموم بلد بأكمله. كنت أعلم أن الحديث عن المجتمع ومشاكله لن يغير الواقع، لكنه كان بالنسبة لي متنفسًا وسط بحر من الأفكار المظلمة.
ألقى جمال نظرة عميقة نحوي وقال:
"تذكر يا صديقي، الطريق إلى التغيير يبدأ بكلمة. فقط احرص على أن تكون الكلمة في وقتها ومكانها المناسبين."
تنهدت بعمق وأنا أفكر في كلماته. ربما كان محقًا، وربما كان علي أن أتريث، لكن كان في داخلي شعور غامض أن الوقت قد حان لإطلاق الرواية، مهما كانت العواقب.
الحلقة 03
ارتشف جمال من كوب قهوته ثم قال:
"المهم، يا عزيزي الراوي، دعنا من هذه المواضيع الجادة لبعض الوقت. سأروي لك قصة غريبة وقعت في مدينة سلا، ولا زال سكانها يتحدثون عنها حتى اليوم. هل لك أن تسمع؟"
هززت رأسي موافقًا، فقال:
"في إحدى الأمسيات المطيرة، على الطريق المؤدي إلى مصنع الزرابي، وقفت فتاة شابة، بدت عليها ملامح التوتر. كانت تمسك بيدها حقيبة صغيرة وتحاول إيقاف أي وسيلة نقل للعودة إلى منزلها. حينها، مر شاب يقود دراجته النارية، فتوسلته أن يوصلها إلى منزلها.
الشاب، بشهامته، نزع معطفه وأعطاها إياها لتحتمي به من البرد والمطر. في الطريق، تبادلا الحديث للتعارف، حتى أوصلها إلى منزلها في أحد أزقة سلا القديمة. شكرته الفتاة بلطف، وأشارت بيدها نحو باب منزل سفلي. ودعته ودخلت.
في اليوم التالي، عند حوالي الساعة الثالثة بعد الزوال، عاد الشاب لاستعادة معطفه. طرق الباب، ففتحت له امرأة عجوز. سألها:
'هل سعاد موجودة ؟ لقد أوصلتها أمس ونسيت معطفي عندها.'
نظرت إليه العجوز بدهشة وقالت:
'سعاد؟ يا ولدي، ربما أخطأت العنوان. أعيش هنا وحدي. أما ابنتي سعاد، فقد توفيت قبل سنة في حادثة سير بالقرب من مصنع الزرابي.'
صُدم الشاب بما سمع، ولم يصدق كلامها. طلب منها أن يثبت الأمر، فدعته العجوز للدخول. هناك، رأى صورة سعاد معلقة على الحائط، وهي نفس الفتاة التي أوصلها بالأمس. العجوز، التي كانت في طريقها لزيارة قبر ابنتها، عرضت عليه أن يصحبها لتثبت له الحقيقة.
عند وصولهما إلى المقبرة، توقفت العجوز أمام أحد القبور وقالت:
'هذا قبرها.'
لكن المفاجأة كانت أكبر عندما رأى الشاب معطفه موضوعًا بعناية على شاهد القبر."
توقف جمال للحظة ثم نظر إليّ بتمعن وسأل:
"يا عزيزي الراوي، هل يمكنك تفسير هذا الحدث بالمنطق؟"
ابتسمت قليلاً وقلت:
"بالطبع، حين يموت شخص فجأة، سواء بحادثة سير أو بسبب القتل، قد يبقى قرينه مرتبطًا بمكان الحادث أو بما كان يقوم به عند وفاته. الأرواح التي تموت فجأة تُترك في حالة من الصدمة، وهذا ما يجعلها عالقة بين السماء والأرض. لكن في النهاية، يبقى لكل شيء أجله المكتوب. الله سبحانه وتعالى لم يذكر في كتابه الكريم 'فإن مات أو قُتل...' عبثًا. الموت هو الأجل المحتوم، أما القتل فقد يكون سببًا يسبق ذلك الأجل."
نظر جمال إليّ بإعجاب وقال:
"لقد أقنعتني بوجهة نظرك. لكن هناك أمر آخر يشغلني: لماذا يقوم السحرة والمشعوذون باستدعاء الجن وتسخيره لإيذاء البشر من أجل المال، بينما يمكنهم بسهولة استغلال تلك القوى لجلب الثروة لأنفسهم؟"
أجبت:
"سؤال وجيه. الجن مخلوقات ذكرها الله في كتابه العزيز، لكن لا سلطة لبني آدم على الجن، ولا للجن على بني آدم. ما يفعله السحرة هو تحالف مع الشياطين، ويكون دائمًا ثمنه باهظًا. نهاية هؤلاء السحرة غالبًا ما تكون مأساوية. على سبيل المثال، الساحر المصري المعروف 'الحسيني الفلكي' وُجد ميتًا في مكتبه، وعلامات الذعر بادية على وجهه. وأيضًا الساحر البريطاني 'أليستر كراولي'، الذي دخل مدينة 'سيفار' الجزائرية، لكنه مات بعد شهر من خروجه, أما فريقه لقى كل واحد منهم حذفه.
المدينة المعروفة ببوابة الجن أبت أن تتركهم أحياء."
بينما كنا نناقش الموضوعات الغامضة، نظر إلي جمال وسألني فجأة:
"لكن الشيء الذي يحيرني أكثر هو الرقم 5601 في روايتك. إذا أخذنا الرقمين 5+6=11، ثم أضفنا 1=12، وقسمنا 12 على 2 نحصل على 6، وإذا جمعنا 5+1 نحصل أيضًا على 6. ألا تلاحظ أن الرقم يعيد نفسه ليشكل 666، وهو رمز الشيطان؟"
ضحكت وقلت:
"يا أستاذ جمال، هل تحاول إعطائي درسًا في علم الكمية والبنية؟ يبدو أنك تركت الرياضيات وتحولت إلى فيلسوف مثل غاليليو. ألا تعلم أن الكنيسة حكمت عليه بالإعدام في 8 يناير 1642 بسبب إصراره على فكرة دوران الأرض حول الشمس؟"
أجابني ضاحكًا:
"ومن يعلم؟ ربما يأتون يومًا فرسان الهيكل ويزجون بي في السجن .
لأنني حاولت تفسير أرقامك الغامضة!"
الحلقة 04
بعد انتهاء الدردشة المعتادة بيني وبين الأستاذ جمال، انصرف كل منا إلى شقته. كان الفضول ينهشني بشدة، فقررت الاستمرار في قراءة بقية مذكرات المرحوم نوفل الباز.
يكتب نوفل في مذكراته:
> "في الفترة التي كنا منهمكين فيها على كشف أسرار ملفات فرسان الهيكل في المقر الرئيسي بجزيرة برمودا، حصلنا على مجموعة من الوثائق السرية التي أذهلتنا. من بين هذه الملفات:
ملف 613/55:
يتعلق بتواصل مع مخلوقات فضائية من كوكب الزهرة.
يتضمن تعاقدًا علميًا لتبادل تكنولوجيا متطورة بشكل مذهل.
كما يشير إلى تبادل بيولوجي يتضمن تطوير أسلحة جرثومية.
ملف 613/56:
مخطط بعنوان "بن لادن 2001"، يتناول أحداث 11 سبتمبر 2001.
يوم الثلاثاء 11 سبتمبر 2001، استولى انتحاريون على طائرات ركاب أمريكية وصدموا بها ناطحتي السحاب في نيويورك، مما أدى إلى مقتل آلاف الأشخاص.
اللافت أن المخابرات الأمريكية (FBI) لم تتوصل إلى أي إشارات مؤكدة قبل وقوع الحادثة.
لكن المخابرات الإسرائيلية (الموساد) كانت على علم مسبق بالهجوم قبل سبع ساعات من وقوعه، إذ أبلغوا 4000 إسرائيلي يعملون في شركات بمركز التجارة العالمي بعدم الحضور إلى عملهم يوم الحادثة."
توقف الراوي عن القراءة فجأة، نظر إلى ساعته ووجدها تشير إلى الواحدة والنصف ليلاً. أعاد المذكرة إلى الخزانة ودخل غرفة النوم حيث استلقى على سريره محاولًا النوم، لكنه لم يستطع التخلص من الأفكار التي أثارتها هذه الملفات.
مع إطلالة الصباح، وبعد تحضير وجبة الإفطار كعادته، قرر التوجه لممارسة هوايته المفضلة: الصيد بالقصبة.
عند البحيرة
عند الساعة الثانية بعد الزوال، وبعد صيد زهيد بالكاد يكفي وجبة صغيرة، قرر العودة إلى شقته. استحم وأعد وجبة الغداء، ثم استلقى قليلاً لقيلولة قصيرة.
في مقهى باريس
مع حلول المساء، توجه الراوي إلى مقهى باريس للقاء أصدقائه. كان الجو مختلفًا هذه المرة، فقد عاد صديقهم عبدين من سفره الطويل. بمجرد رؤيته، قال الراوي بابتسامة عريضة:
"عزيزي عبدين، على سلامتك! لقد اشتقنا إلى حكاياتك عن الجن والأرواح والعفاريت... وأنت من قال: 'يا عفريت لي ياكل لفريت'!"
ضحك الجميع، لكن عبدين بدأ حديثه بنبرة جدية:
"أشكرك يا صديقي، ولكن قبل أي شيء، أود أن أقدم تعازيّ الحارة في وفاة المرحوم الدكتور نوفل. كان من أطيب خلق الله، رجلًا عظيمًا بحق."
نظر الجميع إلى بعضهم بصمت، متأثرين بكلمات عبدين. شعر الراوي أن الحديث عن نوفل سيفتح أبوابًا جديدة من الذكريات والأسئلة.
الحلقة 05
جلسة غريبة وأسرار روح هائمة
جلس عبدين بكل أريحية يدخن سيجارته ويرتشف قهوته، ثم استرسل قائلاً:
"يحكى عن فتاة من مدينة الرباط:
اسمي فدوى، أبلغ من العمر 25 سنة، طالبة في كلية الطب. أنتمي لعائلة متوسطة الحال؛ والدي موظف في وزارة الداخلية، وأمي ربة بيت. لدي أخ يصغرني بخمس سنوات. ذات يوم، وكما جرت العادة أثناء عملي في المشرحة، كنت أقوم بتشريح جثة فتاة بدت عليها آثار ضربة قوية على الرأس، وهو ما بدا أنه سبب الوفاة.
بينما كنت أمسك المشرط، لاحظت شيئًا غريبًا: عينا الجثة فتحتا وتنظران إلي، ثم حركت يدها اليمنى! أصابني الرعب وأغمي علي. عندما أفقت، كان زملائي ينظرون إلي باستغراب، وسألني أحدهم:
"هل أنتِ بخير؟ هل تشعرين بالإرهاق؟"
حكيت لهم ما حدث، لكنهم لم يصدقوني. عدت إلى المنزل، ولاحظت أمي شحوب وجهي وسألتني:
"ما بكِ؟ تبدين مرهقة."
فأجبتها: "مجرد تعب."
دخلت إلى غرفتي لأخلد للنوم، لكن ما رأيته في حلمي كان أسوأ من أي كابوس. *وجدت نفسي أسير في طريق خالية، وإذ بسيارة سوداء من نوع "رونو" تتوقف. نزلت منها فتاة تشبه الجثة التي كنت أعمل على تشريحها، وفي حالة غضب كانت تتجادل مع شاب خرج من السيارة محاولاً إجبارها على العودة. فجأة، دفعها بقوة فسقطت على صخرة، وأصيب رأسها إصابة بليغة أودت بحياتها. ثم ركب السيارة وهرب.*
استيقظت مفزوعة وحكيت لوالدي ما حدث في المشرحة وما رأيته في الحلم. فقال لي:
"ربما روح الهالكة تريد أن تدلك على قاتلها، لكن الأمر معقد. إن أخبرتِ الشرطة، قد يتهمونك بالتورط أو يعتبرون قصتك ضربًا من الخيال."
بدأت تلك الفتاة تظهر لي في أحلامي كل ليلة، وكأنها ترجوني أن لا أترك القاتل يفلت من العقاب. لكن الكوابيس لم تتوقف عند النوم فقط، فقد بدأت أرى صورتها في المرآة كلما دخلت الحمام. أصابني الرعب وأُغمي علي أكثر من مرة. تدهورت صحتي، ولم أعد قادرة على الذهاب إلى الكلية.
بعد زيارة عدة أطباء نفسانيين٫ أكدوا أن حالتي طبيعية، لجأ والدي إلى أحد الفقهاء الروحانيين. لم أكن مقتنعة بفكرة تحضير الأرواح، لكن والدي أصر.
في جلسة غريبة، أحضر الفقيه منديلاً رسمت عليه نجمة خماسية باللون الأحمر، ووضع على كل زاوية منه شمعة. طلب منا الالتزام بالصمت، وأمر بإطفاء الأضواء. بدأ يتمتم بكلمات غير مفهومة:
"أرنيش صاهتون أوسنيس... أحضروا روح فلانة!"
بدأت الطاولة تهتز، وانطفأت الشموع ثم اشتعلت مجددًا. فجأة، تجسدت أمامنا الفتاة الهالكة، وقالت بصوت حزين:
"روحي تتعذب... أريد أن تأخذوا حقي من قاتلي. لقد قتلني بعدما رفضت أن يعتدي عليّ."
سألها الفقيه:
"كيف يمكننا مساعدتك؟ لا نملك أي دليل ضده."
فأجابت:
"ستجدون تحت ظفر يدي اليمنى بقايا دم الجاني. هذا هو الدليل."
اختفت الروح وانطفأت الشموع مرة أخرى.
أبلغنا الشرطة بما حدث. ورغم أن قصتنا بدت غير واقعية، إلا أن معرفة الشرطة بقدرات الفقيه جعلتهم يأخذون كلامنا على محمل الجد. أخذت الشرطة عينة من ظفر الهالكة، وبعد تحليلها، تم التعرف على القاتل.
إعترف الشاب بجريمته، وحكم عليه بالإعدام.
صمت عبدين قليلاً، ثم قال:
"يا صديقي الراوي، أضف هذه القصة إلى روايتك الجديدة .
الحلقة 06
قال الراوي بنبرة متأثرة:
"إنها حقًا قصة مروعة، ودم المظلوم لا يضيع هباءًا؛ سيكشف عن الجاني طال الزمن أو قصر. لكن يبقى سؤال يلح في الأذهان: كيف لطبيب التشريح والشرطة العلمية أن يغفلوا وجود عينة دم تحت ظفر الهالكة؟ وكيف تم الاحتفاظ بجثتها في المشرحة دون دفنها من قبل أهلها؟ وما السبب الذي جعلها تخضع للتشريح على يد طلبة كلية الطب؟"
صمت لوهلة، قبل أن ينطق عبدين بحكمة:
"مثل هذه الأمور تقع مرارًا وتكرارًا عندما تكون هوية الهالك أو الهالكة مجهولة. بالنسبة للتشريح، غالبًا ما يتم التعامل مع الجثة على أنها مجهولة الهوية، وخاصة إن وُجدت على جنبات الطريق، كما في هذه الحالة. أما غياب التدقيق، فمن المحتمل أنهم اعتبروا الوفاة نتيجة حادثة سير، لذا لم يتم التعمق في البحث."
ثم استدرك، بصوت خافت:
"لكن الأمر الذي يثير الرعب هو ظهور قرين الهالكة أو تجسد روحها كشبح، وهو أمر لا يستهان به. مثل هذه الأحداث ليست غريبة؛ فهناك أماكن حول العالم تسكنها أرواح ضائعة، كما يُعتقد. على سبيل المثال، هناك نُزل في إنجلترا يعود تاريخه إلى القرن الثاني عشر. يقال إن تاريخه حافل بالمآسي، ويعتقد السكان المحليون أنه مسكون بأكثر من عشرين روحًا، منها كاهنة وثنية وأرواح أطفال صغار. هذه الأرواح تظهر على هيئة أشباح، ولا يزال الرعب يسيطر على المكان."
قاطعه جمال وهو يضحك بتوتر:
"لا أعلم إن كنت سأستطيع النوم الليلة. أخشى أن يظهر لي شبح الهالكة في المنام!"
ابتسم الجميع بخفة، رغم الأجواء التي حملت شيئًا من التوتر. عادوا لتغيير الحديث إلى مواضيع أكثر واقعية. قال عبدين، وقد أخذ رشفة من قهوته:
"على أي حال، دعونا نبتعد عن هذه القصص قليلاً ونتحدث عن أمورنا الراهنة. انظروا كيف تفشَّى الغلاء في جميع المواد الغذائية، حتى أبسط الضروريات أصبحت مرهقة لجيب المواطن البسيط."
أيده جمال بحسرة:
"ليس فقط الغلاء، بل حتى ظاهرة التسول أصبحت منتشرة بشكل مقلق، والأجور ما زالت جامدة كما هي. الناس تعاني بصمت، والتجار يرفعون الأسعار بلا خوف أو رقابة. أصبح الوضع كارثيًا!"
أومأ عبدين برأسه وقال:
"صحيح، يبدو أن الزيادة في الأسعار أصبحت عادية جدًا، وكأنها قاعدة جديدة في حياتنا، دون أي تدخل من السلطات المختصة. لكن، كما يقولون، 'الله المستعان'."
وقف جمال وأخذ معطفه قائلاً:
"على كل حال، لقد تأخر الوقت، حان الوقت لنعود إلى بيوتنا. غدًا يوم جديد، وربما يحمل معه أخبارًا أفضل."
الحلقة 07
دخلت إلى الشقة حوالي الساعة العاشرة والنصف ليلاً. لم يكن لدي خيار سوى متابعة قراءة المذكرات التي تزداد غموضًا وإثارة مع كل صفحة.
بدأت القراءة حيث توقفت:
يقول المرحوم:
"ملف 613/57:
معمر القذافي كان عميلًا للماسونية وواحدًا من مموليها مادياً عبر بنوك سويسرا. الشخص الذي وُجدت داخل القادوس ليس سوى نسخة طبق الأصل. أما القذافي الحقيقي، فهو لا يزال حيًّا يرزق، يعيش حياة الملوك والأثرياء، ويمتلك شركات ومصانع وفنادق حول العالم."
ملف 613/58:
"أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة، لم يُقتل في باكستان كما أُعلن. هو الآن يعيش في إحدى الجزر التي يمتلكها ويديرها سرًا."
ملف 613/59:
"اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول في أكتوبر 2018 لم يكن إلا عملية مدبرة بأوامر مباشرة من القصر الملكي السعودي."
ملف 613/60:
"المطرب الأمريكي الشهير توباك شاكور اغتيل بأوامر الماسونية العالمية. ومايكل جاكسون لقي نفس المصير قبل أن يتمكن من إعلان إسلامه رسميًا عبر وسائل الإعلام، خوفًا من تأثير ذلك على ملايين المعجبين به في الولايات الأمريكية والدول الأوروبية."
ملف 613/61:
"غزو أمريكا للعراق كان مجرد سيناريو محبوك للإطاحة بالرئيس صدام حسين. ولكن وراء الكواليس، كانت العملية تهدف إلى اختطاف 21 عالماً عراقياً من كبار الخبراء في علوم الذرة، التكنولوجيا، الفيزياء والكيمياء. مصير هؤلاء العلماء ما زال مجهولاً حتى اليوم."
ملف 613/62:
"تقنية الوشم الكمي غير المرئي تم تطويرها تحت إشراف بيل غيتس. هذه التقنية تُستخدم لتخزين تاريخ التطعيم الخاص بالبشر في الجلد نفسه، وهي جزء من مشروع أكبر يهدف للسيطرة على البشر."
ملف 613/63:
"مشروع الرقاقة الإلكترونية والشبكة الذكية (5G) هو خطوة أخرى نحو إحكام السيطرة على المجتمعات. يتم تطبيقه تدريجيًا عبر العالم."
ملف 613/64:
"المخطط المستقبلي لإعادة تقسيم العالم يشمل:
انضمام جميع دول الشرق الأوسط إلى الإمارات.
انضمام دول شمال أفريقيا إلى المغرب.
انضمام الدول الأوروبية إلى دوقية لوكسمبورغ.
انضمام الدول الآسيوية إلى سنغافورة.
ودمج الدول الأمريكية وأستراليا مع كندا."
ملف 613/65:
"فيروس كوفيد-19 تم تصميمه بعناية ليصبح أكثر عدوى عبر تفعيل جيناته بواسطة بعوض إلكتروني من إنتاج شركة مايكروسوفت."
ملف 613/66:
"العالم سيواجه أزمة غذائية خانقة في 2023، خاصة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية."
ملف 613/67:
"اللقاحات الحديثة تحتوي على تقنية النانوبارتكلز التي تُستخدم لتحويل البشر إلى هوائيات تعمل بتقنية 5G."
ملف 613/68:
"الشريحة الإلكترونية ID2020 تُحقن تحت الجلد بحجة الوقاية من الأمراض، لكنها أداة للسيطرة الكاملة على البشر."
ملف 613/69:
"جون بوديستا ومسألة 'بيتزا لمدة ساعة' تتعلق بقضايا فساد أخلاقي خطيرة داخل الطبقات الحاكمة."
توقفت عن القراءة للحظات، مستغرقًا في التفكير.
يا إلهي! لم أكن أعلم أن هذه المذكرات تحتوي على هذا الكم من الأسرار المروعة. ما هذا الملف الأسود الذي كتب عليه:
"سري للغاية. قراءة هذا الملف قد تعرضك لخطر الجنون أو الهوس. اقرأه على مسؤوليتك."
وفي نهاية الفصل بين الصفحات، وجدت ظرفًا صغيرًا مكتوبًا عليه:
"لا تفتح هذا الظرف إلا بعد قراءة الملف الأسود."
توقفت عن القراءة، فقد شعرت أن الأمور خرجت عن نطاق العقل والمنطق. ليس فقط بسبب هذه المعلومات، بل لأن أسماء الملوك، الرؤساء، رجال الأعمال، والفنانين المذكورة جميعها تشير إلى ارتباطهم بالماسونية.
ما الذي كنت على وشك اكتشافه؟ وما هذا الظرف الصغير؟ الأسئلة كانت تحاصرني من كل جهة، لكن الخوف بدأ يتسلل إلى أعماقي..
الإضافة السياسية
تذكرت حديث عبدين قبل أيام، عندما قال:
"كل الحكومات المتعاقبة على تسيير الدولة كانت من الأحزاب التي لا تخدم إلا مصالحها. أغلب الوزراء والبرلمانيين أشخاص دون أي مستوى دراسي أو ثقافي يُذكر. هم فقط يبحثون عن مناصب لتكديس الثروات. نحن نعيش تحت وطأة الفساد، سواء من الداخل أو من الخارج."
كنت أراه محقًا تمامًا. الواقع لم يعد يحمل سوى الظلم والاستغلال، وما هذه المذكرات سوى جزء صغير من الحقيقة المرة التي يعيشها العالم.
الحلقة 08
كالعادة، كنا نجلس في مقهى باريس نتبادل الأحاديث عن كل شيء وأي شيء. لكن هذه المرة، بدا عبدين أكثر حماسًا من المعتاد، وقال:
"لدي إليكم اليوم حكاية تحبس الأنفاس."
رد جمال، وهو يتظاهر بالخوف:
"لا، يا أخي، لسنا بحاجة إلى المزيد من القصص المخيفة."
لكنني قاطعتهما، وأنا أضع كوب القهوة على الطاولة:
"بل أنا من سأروي لكم حكاية اليوم."
نظر إليّ الجميع باهتمام، وبدأت أسرد القصة:
"يحكى أنه في صعيد مصر، كانت هناك عائلة تسكن منزلًا واسعًا قديمًا، لكن حدثت مأساة مروعة: اشتعلت النيران في المنزل من كل جانب، والتهمت كل أفراد العائلة. لم ينجُ سوى ابنهم حسن، لأنه كان خارج المنزل تلك الليلة، يسهر مع أصدقائه."
توقف جمال عن المزاح وسأل:
"وما سبب الحريق؟"
تابعت:
"بعد أيام من الحادث، تحدث حسن، وهو في حالة انهيار، عن السبب الحقيقي للحريق. قال:
'السبب هو أبي، ليغفر الله له. لقد تسبب في وفاة أمي وأخواتي الصغيرات: منال وفدوى وسميرة، التي لم تتجاوز الخامسة من عمرها.
في أحد الأيام، زارنا شيخ غريب المظهر، بدا وكأنه ليس من قريتنا. لم أكن مرتاحًا له منذ البداية. تجول في كل أرجاء البيت، وهو يتمتم بكلام غير مفهوم. وعندما وصل إلى غرفة في الجزء الخلفي من المنزل، قال لوالدي بصوت خافت:
"هنا، في غرفة الدخيرة، يوجد باب مرصود يؤدي إلى مقبرة فرعونية."
أغرى الطمع والدي على الفور، وقرر التعاون مع ذلك الشيخ الغريب لفتح المقبرة. بدأ الحفر في الغرفة، واستمروا لثلاثة أيام كاملة حتى عثروا على باب نحاسي قديم، مزين بطلاسم ونقوش غريبة. عندها قال الشيخ:
"هذا الباب محروس من قبل جن راصد. لكي نفتحه، يجب تقديم قربان: عتروس بري أسود اللون."
لكن البحث عن العتروس الأسود استغرق وقتًا طويلًا، ولم يجدوا واحدًا في كل المنطقة. عندها قرر والدي القيام بشيء متهور.
في تلك الليلة المشؤومة، قبل خروجي سمعت والدي يقول لوالدتي:
"سأفتح الباب بنفسي، سواء وجدت القربان أم لا."
وفعلها. كسر الأقفال النحاسية بآلة حادة، وما إن فعل ذلك حتى اشتعلت النيران فجأة في كل أرجاء المنزل. كانت ألسنة اللهب غريبة الشكل، وكأنها تنبض بالحياة. وعلى ما يبدوا أن أهلي كانوا نيامًا، ولم يتمكنوا من الهرب.
وعلى ما قالوا الجيران، فقد حاولوا المساعدة، لكن النيران لم تكن طبيعية. كلما حاولوا إخمادها، كانت تزداد اشتعالًا، وكأنها تحرس المنزل وتمنع أي شخص من الاقتراب.
أما ذلك الشيخ اللعين، فقد فرّ من القرية في تلك الليلة، ولم يعثر له أحد على أثر.'
توقف حسن عن الكلام، وهو يبكي بحرقة. ومنذ ذلك الحين، أصبح المنزل مهجورًا. لكن الأغرب من ذلك أن الناس يقولون إنهم يسمعون أصوات صراخ وأقدام تهرول في أرجاء المنزل كل ليلة، كما لو أن من في الداخل يحاولون الهروب من شيء مرعب."
عندما انتهيت من الحكاية، عمّ الصمت أرجاء المقهى. جمال، الذي كان يمزح في البداية، أصبح وجهه شاحبًا وقال:
"لا أعتقد أنني سأعود إلى المنزل الليلة. قد أسمع تلك الأصوات في أحلامي."
ضحك عبدين وقال:
"أظن أن علينا التوقف عن سماع القصص المرعبة."
لكنني أجبت، بابتسامة غامضة:
"بعض القصص تحمل أكثر من مجرد الرعب... إنها تحذير ...
الحلقة 09
جلس الأصدقاء كالمعتاد في مقهى باريس، يتبادلون المزاح والحديث. قال عبدين ضاحكًا:
"عزيزي الراوي، قهوتي اليوم على حسابك، لأنك تطفلت البارحة بسرد حكايتك بدل أن تتحفنا بقصيدة من قصائدك."
ابتسم الراوي وقال:
"ما رأيكم أن أترك السرد لعبدين الليلة؟ يبدو لديه ما يثير الحماس."
قاطعه جمال مازحًا:
"يا عبدين، قصصك المرعبة لا تخيفني. أنا مستعد لسماعك."
ابتسم عبدين بخبث وقال بصوت أجش، وهو ينظر إليهم نظرة مشوبة بالغموض:
"حسنًا، إذا كنت شجاعًا لهذه الدرجة، إليك هذه القصة التي لن تنساها أبداً."
بدأ عبدين حديثه، وصوته يزداد عمقًا:
"يحكى يا سادة يا كرام عن أربع صديقات كن يجتمعن باستمرار في منزل واحدة منهن للمراجعة قبل الامتحانات. وفي أحد الأيام، بينما كن في منزل صديقتهن سناء بعد إنهاء الفروض، قالت لهن:
'ما رأيكن أن نلعب لعبة لوحة لويجا لتحضير الأرواح؟'
تحمست سكينة ومنال، وردتا بحماس:
'فكرة رائعة!'
أما أميمة، فارتبكت وقالت:
'أنا لن أشارك، هذا النوع من الألعاب مرعب جدًا.'
ضحكت الفتيات الثلاث وسخرن منها:
'لا تخافي، لن يلبسك الجن العاشق.'
اجتمعن حول طاولة مستديرة، أطفأن الأنوار، وأشعلن شمعة يتيمة وسط الغرفة. قالت سناء بصوت خافت وجدي:
'كل واحدة منا تضع يدها على الكأس، دون حركة أو كلام. لنبدأ.'
ساد الصمت، والهواء أصبح أثقل كأنه يحمل سرًا خطيرًا. استأنفت سناء التميمة بكلمات غريبة:
"باسم ملوك الجن عزازيل٫ دربانوش وشمهاروش، وباسم الأرواح الساكنة هنا، إن كنتم موجودين، أعطونا إشارة."
كررت العبارة ثلاث مرات. وفجأة، بدأ الكأس يتحرك ببطء، مما جعل الفتيات ينظرن إليه برعب. تشكلت الكلمة: "عزازيل".
همست سناء:
'من أنت؟'
وفي تلك اللحظة، ظهر كيان غامض وسط الغرفة، كأنه دخان كثيف تجسد في هيئة طويلة تصل إلى سقف الغرفة. صوته كان كالصدى القادم من أعماق الكهوف:
'أنا عزازيل، من قبيلة الجن الطائر. لماذا أحضرتموني؟'
سادت الغرفة حالة من الذعر. حاولت الفتيات النهوض، لكن أجسادهن تجمدت في أماكنها. شعرن وكأنهن فقدن السيطرة تمامًا.
تلا ذلك لحظة من الظلام التام، حيث اختفت أية حركة أو صوت. عندما أفاقن، وجدن أنفسهن على الأرض، بلا أي قدرة على التفسير. سألت منال، وهي ترتجف:
'ما الذي حدث؟ شعرت وكأنني كنت في حلم... أو كابوس.'
ردت سناء بصوت مرتجف:
'كان هناك كائن غريب. شعرت بلمساته لجسدي جردني من ملابسي٫ فاستسلمت له عن النشوة التي انتابتني لأول مرة وكأنه اخترق عالمي بالكامل. هل شعرتن بالمتعة بما شعرت به؟'
نطقت سكينة وهي تضع يدها على وجهها: "هذا يعني أنه ضاجعنا مرة واحدة ".
'نعم... وكأنه سيطر علينا جميعًا. لقد كان إحساس ممتع أليس كذلك .؟!
لكن الأمور لم تنته عند هذا الحد. لاحظت الفتيات تغيرًا في سلوكهن بعد تلك الليلة. باتت أوقات نومهن مليئة بالكوابيس لمسات على مناطقهن الحساسة ما جعلهن يستمتعن بذلك دون مقاومة .
عندما أنهى عبدين حكايته، ساد صمت ثقيل في المقهى. جمال، الذي كان يدعي الشجاعة، لم يستطع إخفاء خوفه وقال بصوت مبحوح:
'عبدين، استغفر الله. هذه الحكايات ليست سوى أوهام، أليس كذلك؟'
ابتسم عبدين بخبث وقال:
'من يدري؟ قد تكون مجرد حكاية... أو حقيقة.'
قطع الراوي النقاش قائلًا:
'أعتقد أن الوقت حان للعودة إلى منازلنا. الظلام يزداد كثافة، ومن الأفضل أن لا ندع عقولنا تجن أكثر من اللازم.'
نهض الجميع، لكن شعورًا غريبًا ظل يرافقهم، وكأن الحكاية لم تنته بعد.
الحلقة 10
بدأ الراوي كالعادة بقراءة الملف الأسود الذي تركه الدكتور نوفل الباز، والذي حمل في طياته أسرارًا مروعة عن عالم خفي:
"يقول الدكتور نوفل الباز: هناك كائنات من كوكب الزهرة تعيش بيننا على هيئة البشر. لا يخرجون إلا ليلًا ويسكنون دهاليز تحت باطن الأرض. يعتمدون على الدماء كمصدر غذاء، ولكنهم مختلفون عن مصاصي الدماء الذين نعرفهم في الأساطير. هؤلاء الكائنات يتميزون بذكاء خارق وقدرة على تحريك الأشياء عن بُعد وقراءة الأفكار.
من خلال تحقيقات سرية، تم القبض على عدد منهم واحتجزوا في دهاليز معزولة في المنطقة 51. ومن اعترافاتهم أن لهم دورًا رئيسيًا في إنشاء الشبكة المظلمة (Dark Web). كما أنهم يتحكمون في جماعات غامضة مثل فرسان الهيكل، ولديهم صلات مباشرة بكائنات أخرى خارجية."
استمر الدكتور في الحديث:
"في الملف الذي أمامك، هناك رقاقة إلكترونية تحتوي على رموز تتيح الدخول إلى الشبكة المظلمة. نصيحتي الوحيدة: لا تحاول الدخول إلى هذا العالم المظلم.
كان فضولي رهيب حيث شعرت كأنني أغيب عن الوجود وأفقد السيطرة على إدراكي."
المكان: ضواحي نيويورك
هناك قصر مهجور يشتهر بكونه مسكونًا بالأرواح الشريرة. حاولت السلطات هدمه عدة مرات، ولكن في كل مرة تحدث أمورا غريبة: تعطل الآلات، أو إصابة العمال بحوادث غامضة، مما دفع الجميع إلى الابتعاد عنه.
تُروى الأساطير أن هذا القصر يشهد طقوسًا سرية في ليلة الهالوين، حيث يجتمع أناس غريبون، يرتدون أقنعة، ويقومون بطقوس مريبة. في قاعة مضاءة بشموع، كان الجميع يصطف في صمت، منتظرين ساعة الصفر.
فجأة، ظهر كائن غامض على هيئة دخان أسود يتشكل تدريجيًا ليصبح شخصية مخيفة جلس على كرسي العرش.
انحنى الجميع خاشعين أمامه ونطقوا جمبعا ؛،" الألوهية للوسيفار إبليس العظيم."
من وسط الحشد،
تقدمت فتاة رائعة الجمال عارية.
يُقال إنها تحمل أسرارًا خاصة. ألقت كلمات غامضة تشير إلى اختبار بين الحاضرين.
"من بينكم من يستطيع الوصول إلي، سيُمنح القوة والسلطة. ومن يفشل، سيُغادر إلى الأبد."
بدأ الجميع بمحاولة الاقتراب منها، لكنها كانت تتحرك برشاقة وسرعة كأنها تختفي وتظهر في أماكن أخرى. بعد فترة قصيرة، ظهر صوت حاد، حيث أعلنت أنها ليست بشرًا كما يظنون.
في تلك اللحظت تبخر لوسيفار من فوق كرسي العرش .
تحولت الفتاة أمام الجميع إلى كائن مرعب، ونطقت بصوت قوي:
"أنا سالين، ابنة ملك ملوك الجن شمهاروش. يا من تعبدون الظلام، لقد انتهى عهدكم هنا."
في لحظة، ظهرت كائنات رمادية قصيرة القامة وأخرى من الجن، وعم المكان حالة من الفوضى. كانت سالين وقواتها تقضي على كل أثر للشر الموجود في ذلك القصر.
في نهاية المواجهة، التفتت سالين وقالت بصوت يحمل تحديًا:
"ما زال هناك من فرسان الهيكل أربعة، وما هذه إلا البداية في الحرب ضد الشر."
الحلقة 11
بدأ الراوي متأثرًا بقراءة كلمات صديقه الراحل الدكتور نوفل الباز:
"سنطهر الأرض من الطغاة ومن كل اللوبيات التي تنخر حقوق الناس."
صفق الراوي من شدة الفرحة وقال:
"كل الرحمة والمغفرة لك، عزيزي نوفل. لقد حان الوقت لترتاح في قبرك، فسالين وعدت وأوفت."
ولكن الراوي تساءل بدهشة:
"متى وقعت هذه الأحداث؟ هل يعقل أنها حقيقية؟"
تفحص الراوي الشبكة المظلمة (Dark Web) ووجد بوابة تحمل عنوان: "عجلة الزمن" (The Wheel of Time). وكانت تشير إلى تاريخ: 31 أكتوبر 2049.
"يا إلهي، هل هذا معقول؟ هل يمكن أن يكون السفر عبر الزمن حقيقيًا؟"
قرأ في البوابة معلومات مثيرة عن أشخاص سافروا عبر الزمن، إما إلى الماضي أو المستقبل. لكنه وجد صعوبة في استيعاب الفكرة. استمر في تتبع ما حدث بعد ذلك.
التحقيقات والإعلام
انتشرت الأخبار عن استنفار أمني كبير للمخابرات FBI وسيارات الإسعاف التي نقلت جثثًا من موقع القصر المهجور. أما وسائل الإعلام، فقد انقسمت الروايات لديها:
البعض قال إن الكائنات الفضائية هي المسؤولة عن هذه الأحداث.
آخرون زعموا أن الهجوم عمل إرهابي نفذته جماعات إسلامية متطرفة.
توالت الاتهامات والتكهنات، بينما عادت سالين ومن معها إلى مقرهم للاستعداد للعاصفة المنتظرة: عاصفة 5601.
المفاجأة
بينما كان الراوي يتابع ما حدث، توقف الإرسال فجأة، وسمع صوت مذيعة تقول:
"كنتم على تواصل مع شبكة The Wheel of Time. التاريخ الآن 27 أبريل 2022."
في تلك اللحظة، سمع الراوي خطوات أقدام خارج غرفته. نهض بحذر، ولكنه صُدم بما رأى. كانت هناك فتاة جميلة تقف أمامه، نفس الفتاة التي ظهرت في الأحداث السابقة. إنها سالين.
نطقت سالين بنبرة رومانسية:
"لا تخف، يا حبيبي. شعرت أنك تريد رؤيتي بعد وفاة صديقك نوفل. من الآن فصاعدًا، سأكون بجانبك، سأطهر هذا العالم من الطغاة ومن كل من يستنزف خيرات الأرض."
قبل أن يتمكن من الرد، اختفت فجأة، تاركة الراوي في حيرة ودهشة. لم يستوعب ما حدث. كان الأمر أقرب إلى الحلم. قرر الاستلقاء والنوم لعلّه يستعيد وعيه.
اليقظة والدهشة
مقهى باريس ؛ على صوت أصدقائه، جمال وعبدين، يقولان:
"أين كنت يا رجل؟ لقد قلقنا عليك! يومان كاملان لم تظهر، وهاتفك كان مغلقًا!"
شعر الراوي بالدهشة وقال:
"ماذا؟ يومان؟!"
حاول تفسير الأمر، لكنه وجد صعوبة في التصديق. سرد لهما ما حدث، عن عجلة الزمن، وسنة 2049، وسالين، وكل ما رآه.
ضحك جمال وقال:
"يبدو أنك مررت بكابوس عجيب! لكن الحمد لله أنك بخير."
أما عبدين فقال بابتسامة ماكرة:
"لا يهم إن كان حلمًا أم لا. المهم أنني أملك قصة مرعبة تحبس الأنفاس سأحكيها لكم الآن."
الحلقة 12
يحكى أن مجموعة من الأصدقاء: عادل، سفيان، سلوى، ونهال، قرروا استكشاف أماكن يشاع عنها أنها مسكونة بالجن والأرواح. اختاروا وجهتهم الأولى: مستشفى "بن صميم" المهجور، القريب من مدينة أزرو، على بعد حوالي 8 كيلومترات.
عند وصولهم إلى أزرو حوالي الساعة الرابعة مساءًا، استدلوا على الطريق المؤدية للمستشفى المهجور. وسط أشجار الأرز الشاهقة وسكون الطبيعة وزقزقة العصافير، توقفوا أمام المستشفى المحاط بسياج معدني.
بدأوا بتجهيز المكان: تكفلت سلوى ونهال بتحضير الطعام، بينما عادل وسفيان نصبوا الخيام وتفقدوا المنطقة.
قال سفيان مطمئنًا:
"المكان آمن، لا أثر لأي حيوانات مفترسة أو زواحف."
جلسوا للاستراحة، وشربوا الشاي مع البسكويت. فجأة، ارتعشت نهال وقالت بصوت مرتجف:
"انظروا! نافذة الطابق الثاني على اليمين...
هناك فتاة تطل من النافذة!"
نظروا جميعًا، وشاهدوا فتاة شاحبة الوجه بنظرات غريبة، ثم اختفت فجأة. دب الرعب في قلوبهم. قالت منال بخوف:
"علينا العودة فورًا. يبدو أن ما قيل عن هذا المكان صحيح."
رد عادل بنبرة جدية:
"لن نعود قبل أن نعرف الحقيقة. ربما هذه الفتاة تحتاج مساعدة، أو قد تكون معتوهة."
تدخلت سلوى وقالت:
"ابقيا حذرين، نحن بانتظاركما هنا، لكن لا تتأخرا.
اقتحام المستشفى المهجور
اقتحم عادل وسفيان الحاجز الحديدي بحذر. وجدوا الباب الرئيسي للمستشفى مغلقًا، فبحثوا عن مدخل آخر. اضطروا لتكسير زجاج إحدى النوافذ والدخول.
داخل المستشفى، بدت الأثاث مغطاة بطبقات كثيفة من الغبار. صعدوا إلى الطابق الثاني، حيث كانت الغرف مفتوحة الأبواب. نادى عادل بصوت هادئ:
"هل هناك أحد؟ لا تخافي، نحن هنا للمساعدة."
لم يأتِ أي رد. فجأة، مر خيال أمامهم بسرعة. نطق سفيان:
"من أنت؟! نحن لا نريد إيذاء أحد."
في تلك اللحظة، سمعوا صوت بكاء أطفال وصراخ من الطابق العلوي. ارتعبوا وقرروا العودة إلى الخارج بسرعة.
عند وصولهم إلى الخيمة، أخبروا سلوى ونهال أنهم لم يجدوا شيئًا، وقرروا التحقق من المكان مجددًا في الصباح.
حكاية مستشفى بن صميم
جلسوا جميعًا حول النار، وبدأ سفيان بسرد حكاية المستشفى:
"هذا المستشفى تم بناؤه صدفة. في زمن الحماية الفرنسية، زار رجل فرنسي قرية بن صميم بحثًا عن علاج لمرضه الصدري. تعافى بفضل مناخ المنطقة، ما دفع السلطات الفرنسية لتشييد هذا المستشفى لعلاج الأمراض التنفسية. استمر العمل فيه حتى عام 1973، عندما أغلق لأسباب مجهولة. مع الوقت، بدأت الأساطير تنتشر حوله، بأنه مسكون بالجن والأرواح.
ليلة هادئة ومواقف طريفة
مرت الليلة بهدوء وسط حديثهم عن الجن والأساطير. عند الساعة الواحدة والنصف ليلاً، اقترحت سلوى:
"حان وقت النوم."
دخل الجميع إلى خيامهم، واختتموا يومهم وسط مزاح طريف بين الأصدقاء.
قال الراوي، مستمعًا لعبدين:
"يكفي من المزاح والقصص الغريبة، لقد حان وقت النوم."
ضحك الجميع وقالوا:
"غدًا يوم جديد، وستكون هناك مغامرة جديد لبقية الحكاية"
الحلقة 13
بعد ولوجه للشقة، دخل الراوي إلى المطبخ وتناول وجبة العشاء، ثم توجه إلى غرفة النوم. ما إن أضاء المصباح حتى تسمر في مكانه. فتاة فائقة الجمال، بشعر طويل يغطي جسدها العاري، تقف أمامه.
نطقت قائلة: "هل خفت مني؟ أنا سالين، هل نسيتني؟!".
تفاجأ الراوي وقال: "كيف دخلت؟ كنت أعتقد أن زيارة البارحة كانت مجرد أحلام!".
أجابته بابتسامة: "لا يا حبيبي، أنت لا تحلم! كل ما رأيت كان حقيقة، وأنا قادرة على أن أرحل بك عبر عجلة الزمن إلى الماضي أو المستقبل. لكن هذه المرة، لن تكفينا يومين فقط. عليك أن تخبر أصدقاءك جمال وعبدين عن غيابك لمدة أسبوع."
استغرب الراوي وسألها: "هل تعرفين حتى أصدقائي؟!".
ضحكت وقالت: "بالطبع. أكون بجانبك كل يوم، أستمع إلى حكايات عبدين عن الجن والأرواح. حبيبي، هل ترغب أن أشاركك الفراش؟ على الأقل، لستُ مثل نسائكم؛ نحن لا نحيض، ولا نتعرق، وجسدنا كالمسك. رغبتنا أقوى بكثير، ومن لمسة مني، ستعود فحولتك في أوجها."
قبل أذان الفجر، سألت: "كيف كان شعورك معي؟".
رد الراوي: "في حياتي لم أتمتع مع أنثى مثلك. جسدك كالمسك، وأنفاسك عطر، ومداعباتك لا مثيل لها."
ودعته بقبلة حارة ثم اختفت.
استيقظ الراوي في الخامسة مساءً مليئًا بالحيوية والنشاط. بعد الاستحمام، خرج كعادته إلى مقهى باريس حيث التقى أصدقاءه.
قال عبدين: "عزيزي الراوي، أراك اليوم بكامل نشاطك، حتى تلك التجاعيد اختفت! وما هذا العطر الرائع؟".
ابتسم الراوي وقال: "هذا يبقى سرًا بيني وبين حبيبتي في الأحلام."
أما جمال فقال: "على الأقل أخبرنا عن نوع هذا العطر، وسر عودتك إلى الثلاثينات!"
ضحك الراوي وقال: "دعونا من هذا الحديث. ليكمل عبدين لنا قصة مستشفى بن صميم."
ابتسم عبدين وقال: "قهوتي اليوم على حسابك، يا عزيزي الراوي!"
رد الراوي: "مرحبا، حتى قهوة جمال على حسابي."
بدأ عبدين حديثه: "تركنا الحكاية عند مشهد حميمي. في الصباح، بعد تناول وجبة الفطور، دخل الجميع لاستكشاف أسرار المستشفى. صعدوا إلى الطابق الأول حيث قاعات العلاج المغطاة بالغبار. أثناء تفحصهم لبعض الملفات، سمعوا خطوات في الطابق الثاني. صعدوا بحذر لرؤية من هناك. وقفوا مذهولين أمام مشهد
," ممرضات يتحدثن مع بعضهن. قالت إحداهن: 'إن حالة المريضة في غرفة 701 تحسنت بعد فحص الدكتور موريس.'
والأكثر غرابة، كانت اليومية المعلقة على الجدار تشير إلى Mardi 17 Octobre 1956."
نطق سفيان: "هل نحن في حلم؟!".
رد عليه عادل وسلوى: "ربما هم أشباح! بسم الله الرحمن الرحيم."
أما نهال، فتغيرت ملامحها وتحدثت بصوت خشن: "عليكم النزول إلى الدهليز وتحريرنا."
نظرت إليها سلوى بدهشة وقالت: "هل تستعبطين؟" وصفعتها، فعادت نهال إلى وعيها قائلة: "ما الذي أصابني؟!".
نزلوا إلى السرداب حيث شاهدوا مشهدًا مرعبًا: أطباء وممرضات يقومون بعمليات لاستئصال أعضاء المرضى. كانت هناك جثث ممددة على الطاولات، وأمر أحد الأطباء بإرسال الأعضاء إلى الثلاجات وحرق الجثث لإخفاء الأدلة.
تسمروا في أماكنهم، عاجزين عن تصديق ما يرونه. تساءلوا كيف عادت بهم عجلة الزمن إلى عام 1956. خرجوا من المستشفى في حالة من الصدمة، يتساءلون: "من سيصدقنا؟!".
صمت عبدين قليلاً، ثم قال: "وهكذا، كان مستشفى بن صميم خدعة محكمة لمافيا الاتجار بالأعضاء البشرية في ذلك الزمن. كانت قصة المواطن الفرنسي مجرد إشاعة لإخفاء الحقيقة."
التفت إلى الراوي قائلاً بابتسامة: "كما قلت في قصيدتك: اقطف من نهدي ما شئت...".
الحلقة 14
كالعادة، دخل الراوي إلى شقته ليُفاجأ بمشهد غير مألوف. هو الطاولة مُزينة بألذ أطباق الطعام، وأرضية الشقة تعج بالشموع والورود المتناثرة. استقبلته سالين وهي ترتدي لباسًا شفافًا يكشف عن مفاتنها. قبلته قبلة حميمية جعلت الراوي لا يتمالك نفسه، فأخذها بين ذراعيه إلى غرفة النوم. على السرير، تبادلا العناق واللمسات، وضاجعها أكثر من مرة دون أن يشعر بالتعب، بل على العكس، ازدادت قوته الجنسية بطريقة هستيرية. كانت ليلة من أروع الليالي الحميمية التي مر بها.
بعد لحظات من السكون، نطقت سالين بصوت هادئ:
"حبيبي، هل تعلم أن الماسونية ليست السبب الوحيد لتخلف أمتكم كعرب؟ الكعبة، بيت المقدس، وبناء المساجد ليست سوى ذرائع لتبرير الفشل. إسرائيل ليست العائق الحقيقي أمام تقدمكم، ولن يزدهر حالكم بمجرد زوالها."
استغرب الراوي من حديثها وسألها: "ماذا تقصدين؟".
أجابته سالين:
"الأمة العربية تعيش في وهم كبير. هل فكرت يومًا لماذا أنتم متخلفون عن باقي الشعوب التي تعيش معكم على نفس الكوكب؟ لماذا تنتجون الجهل، الفقر، الإرهاب؟ هل لأنكم خير أمة أخرجت للناس؟ إذا كان هذا هو حال خير أمة، فماذا عن باقي الأمم؟
منذ نعومة أظافركم، تُزرع في عقولكم فكرة أن إسرائيل هي السبب وراء كل مشاكلكم: الفقر، الجهل، التخلف. يقال لكم إن بزوال إسرائيل سيحل الازدهار، وستعيشون في رفاهية. لكن هل فكرتم يومًا في الواقع؟
تخيل معي، لو قرر الشعب الإسرائيلي غدًا الرحيل، واستيقظ الفلسطينيون ولم يجدوا أحدًا. أول شيء سيحدث هو اقتتال داخلي بين حماس وفتح على الحكم. ستتدخل دول الخليج وإيران لدعم الأطراف المختلفة، وستبدأ الفوضى. لن يترددوا حتى في تفجير المسجد الأقصى من أجل السلطة، كما تم تفجير مساجد وأضرحة مقدسة في سوريا والعراق."
صمتت قليلاً، ثم أضافت:
"لا تلقوا اللوم على إسرائيل أو أمريكا. الكعبة نفسها هُدمت أكثر من خمس مرات قبل أن توجد إسرائيل أو أمريكا، ومن هدمها كانوا عربًا ومسلمين، كالحجاج بن يوسف الثقفي، وكل ذلك بسبب الصراع على السلطة.
مشكلتكم الحقيقية هي حب التملك والسلطة. أنتم مستعدون لقتل أقرب الناس إليكم من أجل الحكم. حكامكم هم من جوعوكم، وساهموا في إثراء عائلات عالمية مثل روتشيلد، دوبونت، روكفلير، وحتى آل سعود الذين يمتلكون ثروات طائلة في حساباتهم الخاصة بسويسرا.
أنتم العرب من صنعتم فرسان الهيكل، ولا زلتم تستمرون في تبرير فشلكم بالجن، الحسد، والمس، متناسين أن السبب الحقيقي يكمن في عقلياتكم وثقافتكم البائسة التي تُرسخ الفشل وتُغذي الوهم."
كان الراوي يستمع بذهول إلى كلماتها. ثم نطق:
"عزيزتي، كلامك صحيح، لكن ما الحل؟ نحن وُلدنا لنعيش فقط للقمة العيش. نحن نعيش في قاع المجتمع، ودائمًا نقنع أنفسنا بأن الأرزاق بيد الله، وأن الغني يزداد غناه بسبب قسمة ونصيب. هذه هي حياتنا، وهذا هو مصيرنا الذي لا مهرب منه."
نظرت إليه سالين بابتسامة غامضة، ثم قالت:
"حبيبي، التغيير يبدأ من الداخل. عندما تتخلصون من هذه المعتقدات البالية وتبدأون بفهم واقعكم، قد تجدون طريقكم نحو التقدم. أما الآن، دعنا نستمتع بما تبقى من الليل."
ثم احتضنته بحنان، ليغرق الراوي مجددًا في دوامة مشاعره المتضاربة.
الحلقة 15
بعد أسبوع كامل من الترقب والتردد، قررت أخيرًا العودة إلى قراءة مذكرات الفقيد التي تركها لي، والتي بدت كأنها تخفي الكثير من الأسرار عن عالم لم أكن أعلم عنه شيئًا. فتحت المذكرة وبدأت أقرأ بتركيز:
> "إن كل الأحداث التي وقعت في السنوات الأخيرة، مع نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين، كانت تمثل صراعًا خفيًا بين قوى تحكم العالم من وراء الستار. الحديث عن النظام العالمي الجديد ليس مجرد خيال. بل هو مشروع تديره نخبة سرية تهدف إلى السيطرة على العالم من خلال حكومة استبدادية واحدة. هذه النخبة، مدعومة بآلة دعائية هائلة، تعمل على تفكيك السيادة الوطنية وإعادة تشكيل العالم بما يتناسب مع رؤيتهم. ومع ذلك، جاءت الحرب في أوروبا الشرقية بين روسيا وأوكرانيا لتبعثر أوراقهم، خصوصًا بعد قرار الكرملين بمواجهة فرسان الهيكل وعائلة روتشيلد."
قرأت الكلمات وكأنها تنبض بالحياة، فأحداث العالم الحالية بدت وكأنها جزء من لغز أكبر. في تلك اللحظة، دخلت سالين فجأة إلى الغرفة.
قالت بنبرة حازمة وعيون تلمع بغموض:
"حبيبي، كفاك قراءة لتلك المذكرات، لدي ما هو أهم لأخبرك به."
نظرت إليها بلهفة، ثم سألتها:
"هل هناك شيء جديد؟ قولي لي، ماذا يحدث؟"
اقتربت مني وجلست بجانبي، ثم همست بصوت مليء بالإثارة:
"الرماديون يستعدون لتحرك غير مسبوق. يخططون لإنهاء كل الأنظمة المستبدة التي تتحكم في اقتصاد العالم وإسقاط إمبراطورية فرسان الهيكل التي تقودها عائلة روتشيلد. هل تعلم أن هذه العائلة، ذات الأصول اليهودية الألمانية، تمتلك نصف ثروة العالم وتسيطر على البنوك والإعلام وحتى شركات الأدوية الكبرى؟"
شعرت بتصاعد الدهشة داخلي. كل شيء بدا وكأنه مأخوذ من رواية خيال علمي، لكن عيناها كانتا تؤكدان صدق ما تقول. سألتها بحذر:
"ومن هم الرماديون؟"
أجابت بابتسامة غامضة:
"إنهم الكائنات التي تعيش في جوف الأرض، كما وصفهم الفقيد. مجتمعهم لا يعترف بالفوارق الاجتماعية؛ كل شيء مشترك بينهم. وقد أعربوا عن رغبتهم في لقائك. هل أنت مستعد؟"
قبل أن أستوعب ما قالته، وجدت نفسي فجأة على أرض مدينة تتألق بالكريستال. كان كل شيء حولي يبدو كأنه من عالم آخر، عالم يفوق الخيال. نطقت سالين بابتسامة واثقة:
"ها أنت هنا، في ضيافة الرماديين."
التفت حولي لأرى كائنات رمادية اللون بملامح هادئة وأعين تتوهج بلطف. اقتربوا منا ورحبوا بسالين بحرارة قبل أن يلتفتوا إلي بابتسامة مطمئنة. جلسنا لتناول عشاء فاخر لم أستطع تمييز مكوناته، لكن نكهته كانت ساحرة.
بعد العشاء، خرجنا للتجول في شوارع المدينة الكريستالية. كل شيء كان يلمع وكأنه مغطى بضياء سحري. وسائل النقل كانت شيئًا لا يمكن لعقل إنسان عادي تصوره؛ مجرد جلوسك على كرسي صغير، ولمسك لخريطة رقمية على جانبه، يأخذك الكرسي إلى وجهتك في لمح البصر، دون أي ضجيج أو اهتزاز.
نظرت إلى سالين وقلت بدهشة:
"هذا يفوق كل ما يمكن أن يتخيله العقل! هل هذا حقيقة أم حلم؟"
ابتسمت بخبث وقالت:
"هذه مجرد البداية، حبيبي. ستكتشف قريبًا أن ما رأيته ليس سوى جزء صغير من الحقيقة."
أحسست بمزيج من الخوف والإثارة، وكأنني على أعتاب مغامرة ستغير حياتي إلى الأبد.
الحلقة 16
مرت زيارتي مع سالين للرماديين كالحلم، غامضة ومثيرة، حملت في طياتها أسرارًا لم أكن أتوقع سماعها. بعد عودتنا إلى العالم الواقعي، جلست معها في محاولة لفهم المزيد مما رواه لي الرماديون.
قالت لي سالين بنبرة منخفضة وكأنها تخشى أن يسمعنا أحد:
"حبيبي، أريد أن أحكي لك عن قضية تم تداولها بين الرماديين. قضية هزت العالم لكنها تحمل أبعادًا غامضة لم يعرفها أحد. إنها قصة الطفل المغربي ريان أورام."
توقفت للحظات، ثم أكملت:
"كل ما سأرويه الآن، يعتمد على ما علمته من الرماديين. بدأ كل شيء في قرية إغران بإقليم شفشاون شمالي المغرب.
يوم الثلاثاء 18 يناير 2022. توقفت سيارة دبلوماسية بالقرب من منزل والد ريان، خالد، حيث دار تفاوض غامض مع وجود أشخاص غريبي الأطوار بدت ملامحهم كأنهم كهنة يهود. قبل ذلك، كان هناك تمشيط للمنطقة وكأنهم يبحثون عن شيء محدد."
استمعت إلى التفاصيل بدهشة، محاولًا استيعاب ما أسمعه. واصلت سالين روايتها:
"في تلك الفترة، تم حفر بئر في أرض والد الطفل بسرية تامة بحضور الكهنة. وفي ليلة فاتح فبراير 2022، جرت طقوس شيطانية لتقديم الطفل كقربان لإبليس لاستخراج تميمة يُقال إنها ضرورية للمسيح الدجال."
هنا، ارتجفت يد سالين وهي تتابع بصوت منخفض:
"في منتصف الليل، رسمت نجمة خماسية حول البئر، وبدأت الطقوس. كانت هناك رياح عاتية وأصوات رعدية هائلة، وصراخ للكلاب والحمير، كأن الطبيعة كلها تشهد على الفاجعة. تم قذف الطفل ريان داخل البئر في مشهد مروع لا تحتمله العقول، وكل ذلك بهدف الحصول على التعويذة."
شعرت بصدمة عارمة من هول القصة، لكنني تركتها تكمل حديثها:
"ما حدث بعد ذلك كان مشهدًا أمام العالم بأسره، لكنه كان مجرد تغطية لما جرى في الظلام. في الأول من فبراير، شاع خبر سقوط ريان في البئر الذي كان والده يحفره بحثًا عن الماء. أثارت الحادثة ضجة إعلامية غير مسبوقة، وتدخلت السلطات لإنقاذ الطفل في مشهد بدا وكأنه محاولة لإخفاء الحقيقة."
ثم أضافت بنبرة مشككة:
"لكن هل يُعقل أن والد الطفل كان يحفر بئرًا بعمق 30 مترًا بوسائل تقليدية؟ ولماذا لم يكن هناك غطاء للبئر لحماية ريان؟ والأغرب من ذلك، لماذا لم يُسمح لأحد برؤية الطفل بعد إخراجه، حتى والديه؟"
أحسست أنني أغوص في بحر من الأسئلة التي لا إجابة لها. أكملت سالين بحذر:
"بعد إخراج الطفل، نُقل في سيارة إسعاف ثم في طائرة هليكوبتر إلى وجهة مجهولة. لاحقًا، تم تسليم جثته في تابوت مشمع يمنع فتحه، وسط حضور جماهيري وإعلامي غير مسبوق."
ثم نظرت إلي مباشرة وقالت:
"الأمر ليس بسيطًا كما بدا للعالم. الرماديون يؤكدون أن هذه الحادثة مرتبطة بتميمة لها أهمية كبرى في طقوس شيطانية تتعلق بالمسيح الدجال. كما أن هناك علامات استفهام كثيرة حول الضجة الإعلامية التي أحاطت بالحادثة."
تسارعت نبضات قلبي، وسألتها:
"لكن لماذا هذا الاهتمام المبالغ فيه بقضية ريان؟ هناك آلاف الأطفال الذين يموتون يوميًا في ظروف غامضة، في غزة وسوريا والعراق وحتى أوكرانيا. لماذا كان لرواية ريان هذا الزخم؟"
ابتسمت سالين ابتسامة حزينة وقالت:
"هذا هو السؤال الذي يجب أن نبحث عن إجابته. الأمر يتجاوز طفلًا بريئًا؛ إنه يتعلق بمنظومة كاملة تحكم العالم من وراء الكواليس."
بقيت في حيرة عميقة، وشعرت وكأنني انخرطت في لغز أكبر مما كنت أتخيل. شيء ما في هذه القصة ينبض بالغموض والخطر، وكأنها بوابة لأسرار لا يُفترض أن أقترب منها.
الحلقة 17
كالعادة، كان اللقاء مع جمال وعبدين مليئًا بالأحاديث والقصص. بعد أسبوع كامل من الغياب، كان شوقهما واضحًا.
قال عبدين بابتسامة مرحة:
"الله الله، عزيزي الراوي، كيف مرت رحلتك إلى السويد؟"
أجبته وأنا أضع حقيبتي جانبًا:
"على أحسن ما يرام. وأنت، عبدين، كيف هي الأحوال؟ وما هي أخبار أستاذنا جمال؟"
أجاب عبدين بابتسامة مشاكسة:
"لديه بعض المآرب، لكنه سيلتحق بنا بعد نصف ساعة .
وبينما كنا نتبادل أطراف الحديث، دخل جمال قائلاً وهو يضحك:
"على سلامتك، عزيزي الراوي. أظن أنك لم تنسَ أن تجلب لنا العطر السويدي؟"
ضحكت وأنا أخرج هديتين من حقيبتي:
"بالطبع لم أنسَ. هذه هديتك يا جمال، وهذه لعبدين."
ابتسم عبدين وقال:
"بمناسبة عودتك بصحة جيدة والهدية القيمة، سأحكي لكم اليوم حكاية تفوق الخيال، لكنها من الواقع. وقعت أحداثها في مدينة وجدة سنة 1967، عندما كنت في السادسة من عمري."
صمت للحظات، ثم بدأ يسرد قصته بصوت خافت وكأنه يسترجع ذكريات مرعبة:
"كانت هناك سيدة من الجيران تأتي لمساعدة والدتي رحمها الله في أشغال البيت. في يوم من الأيام، سمعتها تحكي حكاية جعلتني مرعوبًا. قالت لوالدتي:
'كنت أعمل عند سيدة برجوازية تسكن في فيلا واسعة بالقرب من حديقة للامريم. ذات يوم، بينما كنت أنظف غرف الفيلا، سمعت أصوات أنين غريبة قادمة من القبو. كان الفضول يدفعني، فتسللت بحذر إلى هناك. عندما اقتربت من باب مغلق، سمعت صوت فتاة صغيرة تبكي وتقول:
"أرجوكِ، ساعدينا! هم يريدون ذبحنا!"
سألتها بذهول:
'كم أنتم هنا؟'
ردت الفتاة:
'لا أعرف، نحن كثيرون! تم اختطافنا من قرب منازلنا.'
تجمدت مكاني من الرعب، لكنني قررت أن أفعل شيئًا. خرجت من القبو بسرعة، وطلبت من البستاني أن يفتح لي باب الفيلا بحجة شراء مواد التنظيف. وعندما خرجت، توجهت مباشرة إلى أقرب مركز شرطة."
ابتلع عبدين ريقه، ثم واصل الحديث:
"عند وصولي إلى مركز الشرطة، أبلغتهم بكل التفاصيل. وبعد استصدار الإذن من وكيل الملك، تم تطويق الفيلا من كل الجوانب. عندما اقتحم رجال الشرطة المكان، كانت الكارثة أكبر مما يتخيله العقل. عُثر على 12 طفلة تتراوح أعمارهن بين 7 و9 سنوات، و9 أطفال لا تتعدى أعمارهم التسع سنوات. تم القبض على صاحبة الفيلا التي اعترفت بأنها تعمل مع شبكة دولية هدفها استغلال الأطفال للحصول على مادة أدرينوكروم (Adrenochrome)، إكسير الشباب الذي يُستخرج من الأدرينالين تحت ظروف قاسية."
صمت عبدين للحظات، ثم أضاف:
"الغريب أن القضية تم التستر عليها بسرعة. أُعيد الأطفال إلى عائلاتهم وكأن شيئًا لم يحدث، وتم طمس الحقيقة بالكامل. تذكرت هذه الحادثة عندما وقعت قضية مشابهة في مارس 2016 بأمريكا، عُرفت بقضية بيتزاهيت (Pizzagate)، التي تورط فيها شخصيات بارزة، وعلى رأسهم جون بوديستا، مدير حملة هيلاري كلينتون. ورغم وفاته الغامضة في السجن، لا تزال الأسئلة تحيط بهذه القضايا."
نظرنا إليه بذهول، وأحسست أن القصة أثارت في داخلي شعورًا عميقًا بالخوف والغموض. همس جمال:
"هل من الممكن أن تكون هذه الأحداث مجرد قمة جبل الجليد؟ وما الذي يجري فعلًا خلف الستار؟"
شعرت بأن الحكاية أكبر مما سمعناه، وكأنها جزء من شبكة معقدة تحكم العالم بطرق لا يتصورها العقل.
الحلقة 18
كالعادة، كل منا توجه إلى شقته. وما أن فتحت الباب، حتى استقبلتني "سالين" بابتسامتها المألوفة، قائلة:
"صديقكم عبدين مرح جدًا، لدرجة أن كل حكاياته تروق لي. على أي حال، حبيبي، لقد اشتقت إليك كثيرًا. أعددت لك عشاءً خفيفًا، شربة السمك."
ابتسمت لها، لكنها تابعت حديثها بنبرة مختلفة، مما شد انتباهي:
"بالمناسبة، سأحكي لك عن أمور غريبة ستحدث في عالمكم بحلول سنة 2050. سيظهر المسيح الدجال، وسيستولي على عقول البشر بمعجزات تبدو ربانية، مثل إحياء الموتى وإعادة البصر للمكفوفين. أما التطورات التكنولوجية، فستغير حياة البشر بشكل جذري."
سألتها مستغربًا: "كيف ذلك؟"
قالت:
"في تلك الفترة، سينقرض مفهوم الزواج التقليدي، وسيبدأ البشر بالزواج من الروبوتات. ستنشأ شركات متخصصة تقدم خدمات كراء أو شراء زوج أو زوجة آلية لفترة تحددها بنفسك. يمكنك اختيار مظهر الشريك، سواء كان نسخة مطابقة لحبيبتك الراحلة، أو لشخصية مشهورة مثل ممثلة أو ملكة جمال. ويمكنك حتى اختيار شخصية تاريخية أو أميرة من الماضي.
الأمر ذاته ينطبق على النساء؛ إذ سيصبح بإمكانهن اختيار شريك مطابق لأحلامهن، كأن يكون ممثلاً شهيرًا أو مطربًا معروفًا. ستكون هذه الروبوتات متكااملة جسديًا ومبرمجة لتظهر مشاعر وأحاسيس وكأنها بشر حقيقيون.
لكن الأغرب من ذلك، هو تطور التكنولوجيا إلى مستوى يمكن معه نقل ذاكرة الشخص بعد وفاته إلى رقاقة إلكترونية، ليعيش بشكل رقمي وبنفس الشخصية لآلاف السنين."
تملكني شعور بالدهشة والقلق، فقلت:
"حبيبتي، هذا أمر مريب، وكأنه سيجرد الإنسان من طبيعته الحقيقية."
ابتسمت وقالت:
"هذا صحيح. لكن، تذكر أن كل هذا مجرد تخمينات، ولا أحد يعلم المستقبل سوى الله."
ثم اقتربت مني قائلة:
"المهم الآن، ألا تشتاق إلي؟ لقد مر وقت طويل منذ آخر مرة..."
مرّت الليلة مليئة بالحميمية والمشاعر، والغريب في الأمر أن قربها كان يمنحني طاقة شبابية لم أشعر بها منذ زمن. شعرت وكأنني أعيش لحظات لا تنتمي إلى عالمنا. ضاجعتني بأشكال مختلفة لا يتخيلها العقل ولا تقوى أي أنثى بشرية على فعل ذلك .
وقبل آذان الفجر، ودعتني "سالين"، لكنها أضافت لمسة غريبة حين قالت:
هل تعلم أنني أحببتك بجنون ولولا حبي إليك ما تعرفت علي . أنا لن أمنعك من الزواج من بشرية, لكن بشرط أن تكون أجمل مني وليكن في علمك أن هذه صفتي الحقيقية ليس كما تفكرون أن الجن لهم قرون وأرجل للمعيز وما شابه ذلك ... تلك الصفات للعفاريت والشياطين فقط .
ودعتني بقبلة حميمية رفعتني إلى السماء السابع .
الحلقة 19
بعد مغادرة سالين، قررت أن أنهي قراءة مذكرة. نوفل الباز:
"من بين جميع الملفات السرية لفرسان الهيكل، يوجد ملف يحمل الرقم 9603. مقر الاجتماع في جزيرة لا يمكن تحديد موقعها، والتوافد يتم عبر نظام خاص يدعى TU.
الكلمات الافتتاحية: شالوم أليخم (שָׁלוֹם עֲלֵיכֶם). كما تعلمون، فإن مخططاتنا تحت الشعار 2B1Ask1 قد نالت اهتمامًا كبيرًا. هدفنا الأساسي هو إنشاء الجمهورية العظمى لعائلات روتشيلد وروكفلر، لتحقيق النظام العالمي الجديد وإقامة هيكل سليمان في أرض الميعاد.
الجوييم (גויים) سيخضعون لسلطتنا بمجرد اكتمال بناء الهيكل. نحن، البناؤون الأحرار، كنا خلف تأسيس الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية. فعندما انتهت الحرب عام 1945، اجتمع ممثلو 50 دولة في مؤتمر سان فرانسيسكو خلال الفترة من 25 أبريل إلى 26 يونيو، حيث تم توقيع ميثاق الأمم المتحدة. لقد كنا نحن، عائلة روكفلر، الممولين الرئيسيين لهذا المشروع بهدف منع حروب عالمية أخرى، بينما نستمر في التوسع في أهدافنا السرية.
إذ نخاطبكم اليوم، نؤكد على ولائكم للمحفل الماسوني، وندعوكم للانضمام إلى الطقوس.
دخلت فتاة شابة، تبلغ من العمر 23 سنة، وكانت عيناها مغطاة بوشاح أسود. تقدمت ببطء إلى الأمام، ووقف أمامها القديس الأعظم قائلاً:
"هل تريدين الانضمام إلينا وتصبحين ماسونية؟"
"نعم، لدي الرغبة الكاملة."
"هل اختيارك هذا نابِع من نية حسنة وإرادة قوية؟"
"نعم، سيدي."
"فلْتُبصر النور، وليُقطع حبل الوريد."
قدّموا لها خنجرًا وكأسًا، فجرحت كف يدها اليسرى وسكبت ثلاث قطرات من الدم في الكأس، كرمز للوفاء للأخوية."
توقف الراوي عن قراءة المذكرة عندما رن جرس الشقة. الساعة كانت العاشرة والربع مساءًا. توجه إلى الباب متسائلًا:
"من الطارق؟"
"افتح، أنا ياسمين الباز."
تفاجأ الراوي، لكنه فتح الباب على الفور. أمامه فتاة شابة. نظراتها مليئة بالدهشة، وملامحها تذكره بشخص مألوف جدًا.
"أنتِ ياسمين؟"
"نعم، أنا ابنة المرحوم نوفل الباز. هل ستتركني واقفة عند الباب؟"
دعوتها للدخول، وأنا مذهول من الشبه الكبير بينها وبين الفقيد .
"سبحان الخالق، تبدين كأنك صورة طبق الأصل لوالدك."
"أنا من مواليد 9 أكتوبر 2001 في بغداد. توفي والدي عندما كنت في العاشرة من عمري. حصلت على شهادة البكالوريا بامتياز عام 2015، وفي عام 2021 نلت شهادة الدكتوراه في علوم الذرة. في حفل تسليم الشهادات الشهر الماضي، بتاريخ 16 مايو 2022، تلقيت هدية من فتاة غريبة، بداخلها رسالة تحتوي على تفاصيل عن وفاة والدي ورقم حساب بنكي باسمي في باريس."
نطق الراوي '
"هل أعدُّ لك شيئًا تأكلينه أو كوبًا من عصير الليمون؟"
"لا تُكلف نفسك، ربما غدًا في لقاء آخر. أدعوك إلى وجبة غداء في فندق هيلتون سيتي. هذا رقم هاتفي، وأتمنى أن تقبل دعوتي."
في اليوم التالي، الساعة الواحدة والنصف ظهرًا، اجتمعنا في الفندق. بدأت الحديث قائلة:
"أريدك أن تخبرني كل شيء عن والدي، عن اختفائه، وعن السبب الحقيقي لوفاته. لقد سمعت شائعات تقول إنه ما زال حيًا." وإن كان ميتا أريد رؤية قبره للترحم عليه ...وأجهشت بالبكاء .
أجبتها ودموعي تهاطلت لهول اللقاء .
"الحكاية طويلة، يا ابنتي. والدك ترك شقته ومذكراته، وها هي بين يديك. ربما تجدين فيها السر الذي تبحثين عنه. كما أنه ترك لي وصية أرفقها مع هاتف روبوت G90."
ابتسمت ياسمين وقالت:
"أعتبرك بمثابة والدي الآن. كل ما أريده هو استرجاع الهاتف والمذكرة لمعرفة الحقيقة."
بعد حديث طويل استمر حتى الثامنة مساءًا، وعدتها أن أكون سندًا لها، وأن أساعدها للوصول إلى الحقيقة مهما كلف الأمر.
الحلقة 20
بعد أن حصلت ياسمين على المذكرة والهاتف "روبوت جي 90"، استمعت إلى الرسالة الصوتية التي تركها والدها لها. الرسالة كانت مليئة بالتوجيهات والمعلومات الغامضة عن ملفه وعلاقته بمنظمة SCP.
قررت ياسمين السفر إلى باريس ومن ثم إلى لندن لإجراء مفاوضات مع المنظمة حول مستحقات والدها التي قدّرت بالمليارات من الدولارات. لاحقًا، استقرت في العاصمة السويدية ستوكهولم حيث أنشأت مجموعة من المشاريع الاستثمارية بتمويل من تلك المستحقات.
مع توسع نفوذها، عرضت عليها منظمة SCP الانضمام إلى المحفل الماسوني للمشاركة في مهمة جديدة. في البداية، رفضت العرض خوفًا من أن يتم كشف هويتها الحقيقية. لكن خطة المنظمة كانت ذكية؛ اقترحوا عليها تقديم طلب عمل في شركة مايكروسوفت باسم جديد: "جاسمين ألبيتر"، سويدية الجنسية، حيث تم تزوير جميع الأوراق الرسمية بعناية فائقة.
بعد قبولها في شركة مايكروسوفت كمستشارة للرئيس التنفيذي ساتيا ناديلا، تلقت تدريبًا مكثفًا على يد الرماديين في عالمهم السفلي تحت الأرض. خلال عامين، تعلمت ياسمين لغات متعددة، بما في ذلك العبرية والتيلوغو، وأتقنت أساليب التحكم في عقول البشر وقراءة الأفكار.
بفضل ذكائها ومهارتها، تمكنت "جاسمين ألبيتر" من كسب ثقة رئيسها، ساتيا ناديلا، بل وأصبحت من المقربين له. ذات يوم، أثناء حضورها إحدى الحفلات التي جمعت رجال الأعمال، قدمها ناديلا لبيل غيتس، الذي أُعجب بذكائها وجاذبيتها وثقافتها العالية، خاصة إتقانها للغات متعددة.
في حفل رسمي آخر، قدّم بيل غيتس جاسمين إلى البارون جاكوب روتشيلد، قائلاً:
"سيدي البارون، أقدم لك جاسمين ألبيتر، سويدية، ومستشارة للرئيس ناديلا."
تقدمت جاسمين بخطوات واثقة ونطقت بالعبرية:
"שלום עליך, מר ברון" (شالوم أليخيم سيدي البارون).
انبهر البارون بطلاقة لسانها وقال:
"أنتِ أول فتاة تتحدث لغتي الأصلية بهذه البراعة. مكانك ليس مع هؤلاء الأوغاد، بل معنا. منذ هذه اللحظة، أنتِ مديرة أعمالي."
ردت جاسمين بتواضع، قائلة بالعبرية:
"זה יותר מדי בשבילי לנקוט בעמדה זו ובעניין הרב שלך" (هذا كثير عليّ أن أحصل على هذا المنصب واهتمامك الكبير).
لكن البارون، وسط ذهول الحاضرين، أعلن:
"اعتبارًا من الآن، جاسمين ألبيتر هي مديرة أعمالي لمجموعة روتشيلد."
تبع ذلك تصفيق حار من الجميع.
انطلاقة جاسمين في عالم الماسونية:
بدأت جاسمين عملها بثقة، حيث أدارت أكبر شركات مجموعة روتشيلد وأضافت أرباحًا خيالية. هذا النجاح جعلها تحصل على ثقة البارون المطلقة، الذي منحها لقب "الأستاذ الخبير"، وهو منصب رفيع في المحفل الماسوني.
كخطوة أولى في مهامها الجديدة، أدت جاسمين قسم الولاء أمام القديس الأعظم في طقوس مهيبة، وبدأت دراسة المخطط السري 5601 باستخدام "روبوت جي 90".
من هنا، بدأت ياسمين رحلتها في عالم الماسونية، حيث تتشابك الأحداث بين مخططاتها الشخصية وأسرار المحفل التي تسعى لكشفها.
الحلقة 21
تألقت جاسمين ألبيرت في الأوساط الاجتماعية لعائلة روتشيلد حتى أصبحت تُعتبر كواحدة من العائلة، حيث نالت احترام الجميع بثقتها وحضورها القوي، فضلاً عن نجاحاتها المتتالية في إدارة الأعمال.
المغرب – مدينة طنجة:
في صباح الخميس، 26 مايو 2022، تلقى الراوي اتصالًا من الأستاذ جمال يُخبره بخبر محزن:
"لقد توفيت والدتي فجر هذا اليوم عن عمر ناهز 86 سنة."
عزّا الراوي الأستاذ جمال وأجرى اتصالاته مع عبدين وجميع المعارف. بعد صلاة الظهر، دُفنت المرحومة في مقبرة الشهداء. دعا الجميع لها بالرحمة، وألهم الله ذويها الصبر والسلوان.
"إنا لله وإنا إليه راجعون."
جنيف – سويسرا:
في مقر مجموعة "إدموند دي روتشيلد"، كانت الأجواء مليئة بالنشاط والحيوية. دخلت السكرتيرة الخاصة إلى مكتب جاسمين ألبيتر بابتسامة عريضة وقالت:
"سيدتي، لقد حققت مجموعتنا أرباحًا بلغت 70 مليون تريليون دولار هذا الصباح من البورصة العالمية."
ابتسمت جاسمين وقالت:
"هنيئًا لنا! أضيفي أجرة شهر كامل لكل الموظفين كتحفيز على مجهوداتهم."
في تلك اللحظة، رن هاتفها، وكان المتصل البارون جاكوب روتشيلد. ردت عليه جاسمين باللغة العبرية باحترام:
"כן אדוני הברון" (نعم، سيدي البارون).
قال البارون بصوت مليء بالرضا:
"מזל טוב לנו, אתה הפנים של האושר עלינו" (هنيئًا لنا، فأنتِ وجه السعد الذي يجلب لنا النجاح).
أجابته جاسمين بتواضع:
"זה בבקשה אדוני" (هذا بفضلكم، سيدي البارون).
ابتسم البارون وأردف قائلاً:
"نحن محظوظون بوجودك، وأتوقع منك المزيد من الإنجازات في الأشهر المقبلة."
أغلقت جاسمين الخط بابتسامة ووضعت الهاتف جانبًا، ثم نظرت من نافذة مكتبها نحو الأفق. كانت تعلم أن هذا النجاح ليس إلا بداية طريق طويل مليء بالتحديات، وأن انتماءها لعائلة روتشيلد وللمحفل الماسوني سيجلب لها الكثير من الأعباء والاختبارات.
الحلقة 22
........
مساء الخميس 9 أكتوبر 2025
في قاعة الحفلات ببرج خليفة دبي أقام البارون جاكوب روتشيلد بمناسبة الذكرى 24 سنة لميلاد جاسمين ألبيتر حفل رائع حضر رؤساء وملوك ورجال أعمال وفنانين . تعرفت جاسمين على الكثير من الوجوه تنتمي للمحفل الماسوني منهم شخصيات عربية رؤساء وملوك .
بعد أن تعرفت على فرسان الهيكل وعن مخططاتهم التي شاركت فيها مرغمة لكي تبرهن عن الوفاء الكبير لعائلة روتشيلد الأخطبوط الذي يصعب القضاء عليه ففرسان الهيكل كتلك الأفعى من تمتلك سبع رؤوس إما القضاء عليها نهائيا أو تتقوى وتعود أكثر عدوانية من السابق . هكذا جلست جاسمين تتأمل في كل الحاضرين تمنت لو كان بإمكانها القضاء عليهم جميعا لتنهي لعبة "بالدين يمكن التحكم في عقول الشعوب " . ها خادم الحرمين الشريفين يتجرع كل أنواع الخمور وحواليه صبايا من مختلف الأعمار يقبل نهودهن ويرقص بهستيرية . هاهي أموال المسلمين من حج وعمرة تستبذل بقنينات الويسكي على طاولة المزاد يتراهن عليها أصحاب العمم بكل سخاء .
ٱنستي جاسمين البارون يسأل عنك ردت عليها جاسمين : ياه سرح خيالي باسترجاع بعض الذكريات
سأدخل للحمام وألتحق به .
تقابلت مع مرٱة الحمام تسترجع ما شاهدته تذكرت والدها نوفل الباز
- سأنتقم لك يا أبي من كل من يوجه وجهه للقبلة وقبلته الحقيقية هي الدولار .
الشرق الأوسط بتاريخ 13 فبراير 2026
اغتيال مجموعة من رجال الأعمال وأمراء سعوديون وخليجيون . انهيار عائلة روتشيلد باغتيال البارون جاكوب . الإتحاد السوفياتي والصين أكبر قوة اقتصادية في العالم . حيث أطلقت روسيا صاروخها التنين النووي على مجموعة من الدول الأوروبية والأمريكية حيث عم الخراب .
عادت ياسمين إلى بغداد لزيارة عائلتها ثم سافرت إلى البلد المحبوب لوالدها المغرب لمدينة طنجة عروسة الشمال .
الحلقة 23
بينما كانت ياسمين الباز والراوي يحتسيان القهوة في مقهى باريس، انضم إليهما عبدين وجمال ليكتمل المجلس. استهل عبدين الحديث قائلاً:
"عزيزتي ياسمين، إن سمحت لي، لدي حكاية ستجعلك تموتين من الرعب."
قبل أن يبدأ عبدين بسرد حكايته، مرت فتاة متشردة بجانبهم، نظرت إلى ياسمين وقالت بنبرة حزينة:
"لو سمحتِ، أريد أن أتحدث معك."
ابتسمت ياسمين وقالت لها:
"تفضلي، اجلسي معنا. ما مشكلتك؟"
نطقت الفتاة، وهي تشير إلى الراوي أن يصمت:
"لست هنا لأتحدث عن مشكلتي، بل لأتعرف عليكِ. لم أصادف في حياتي فتاة بذكائك، القادرة على إنهاء إمبراطورية عجز الجميع عن القضاء عليها."
استغربت ياسمين وسألتها:
"من أنتِ بالله عليك؟"
أجابت الفتاة:
"لا داعي للسؤال. اسألي الراوي."
نظر الراوي إلى ياسمين وقال:
"ابنتي ياسمين، الحكاية طويلة. هذه الفتاة ليست سوى سالين، ابنة الملك شمهاروش. لقد كانت تلازمك بخطتي منذ كنتِ بين الرماديين وفي كل مكان، دون أن تظهر لك. لقد أنقذتكِ من الموت عدة مرات أثناء وجودك مع عائلة روتشيلد. كل أخبارك كانت تصلني بفضلها."
نهضت ياسمين وعانقت سالين بحرارة قائلة:
"كان لدي إحساس دائم بأن خيالاً يلازمني يمنحني القوة والتركيز. رائحة العطر التي كنت أشمها كثيرًا دون أن أعرف مصدرها هي نفسها التي تفوح منك الآن. شكراً لك، سالين، على كل شيء."
شعر عبدين وجمال بالذهول من الموقف غير المتوقع. ثم قالت سالين مبتسمة:
"يا عبدين، نحن لا زلنا ننتظر حكايتك."
بدأ عبدين بسرد حكايته قائلاً:
"يحكى يا كرام عن أغرب واقعة حدثت في إحدى القرى بجنوب المغرب..."
حكاية الحفيد مع الجن والخاتم
منذ طفولتي وأنا معتاد على رؤية خاتم ذي حجر أزرق في إصبع جدي. كان ذلك الخاتم غريبًا، وكأنه جزء من جسد جدي لا يمكن أن ينفصل عنه. عندما كنت في السادسة من عمري، كنت نائمًا في منزل جدي في ليلة شتوية عاصفة. في منتصف الليل، فتح باب الغرفة فجأة، واستيقظت فزعًا. رأيت رجلاً طويل القامة، طوله يتجاوز الأشجار، يرتدي ثيابًا بيضاء، يتجول في الحديقة ذهابًا وإيابًا. حبست أنفاسي، ولم أستطع الصراخ. بعد لحظات، اختفى الكائن في الهواء .
في الصباح، أخبرت جدي بما رأيت. ضحك وقال:
"لا تقلق، يا بني. هذا ميمون، صديق لي. لا يؤذي أحدًا."
سألت جدي عن سر الخاتم، فأجابني:
"هذا الخاتم يحميني من أهوال العالم الخفي."
ثم حكى لي قصته مع الخاتم، عندما كان شابًا يعمل في الغوص لجمع اللؤلؤ. أثناء إحدى الرحلات، عثر على الخاتم في قاع البحر، ولم يكن يعلم حينها أنه سيغير حياته.
سؤال جمال لسالين
بعد انتهاء عبدين من حكايته، توجه جمال بسؤال إلى سالين:
"سؤال يحيرني دائمًا. لماذا أنتم، معشر الجن، لا تستطيعون القضاء على الحكام الظالمين؟"
أجابت سالين:
"الحكام الظالمون غالباً ما يكونون من أتباع شياطين الجن، وهؤلاء محصنون بحماية خاصة. لدي قصة لتوضيح ذلك..."
حكاية الساحر والكلاب السوداء
كان هناك رجل في إحدى القرى يعمل بتربية الكلاب وبيعها. في يوم من الأيام، جاءه ساحر معروف بطلب كلب هزيل أسود اللون. استغرب المربي من الطلب وسأله عن السبب، فأجابه الساحر قائلاً:
"أنا أعمل مع أصحاب النفوذ والسلطة، وأقوم بتقديم خدمات السحر لهم مقابل المال والنفوذ. هذا الكلب، مثله مثل غيره، أستخدمه في أعمالي لضمان بقائهم في مناصبهم."
وختم الساحر كلامه بابتسامة خبيثة قائلاً:
"في النهاية، نحن جميعاً مثل هذه الكلاب، نكذب ونتآمر لنأخذ رزق العباد."
حوار حول عائلة روتشيلد
في ضيعة نوفل الباز خارج مدينة طنجة، دار حديث بينها وبين الراوي عن مهمتها السرية "أجارثا 5601". تحدثت ياسمين عن تجربتها مع عائلة روتشيلد، قائلة:
"عائلة روتشيلد ليست مثل الحكام العرب الذين يهتمون بالشهوات والملذات. هم أناس منضبطون للغاية، يؤمنون أن المال هو عرش الرب على الأرض. كل ثانية تساوي ذهبًا بالنسبة لهم. هم أقوياء لأنهم يديرون الأمور بعقولهم، وليس مثل الحكام العرب الذين يعتمدون على ثروات بلادهم فقط."
واختتمت حديثها قائلة:
"عائلة روتشيلد تمثل الأخطبوط الذي لا يمكن القضاء عليه بسهولة. ولكنني سأكمل مهمتي السرية، مهما كلفني ذلك."
الحلقة 24. الأخيرة
بينما كنا في ضيافة الرماديين، أخبرونا بوجود كائنات أخرى تسكن جوف الأرض، في مدينة تُدعى شامبالا، وعاصمتها أغرتا "Agartha". بدافع الفضول العلمي واستكشاف الحضارات المختلفة، انطلقت رحلتنا على متن مركبة فضائية قادها الرماديون. كان الاستقبال حافلاً ومليئاً بالدهشة.
وصف أغرتا:
مدينة أغرتا لا تشبه أي مكان على وجه الأرض؛ طبيعتها خلابة تسحر العقول. غابات مترامية الأطراف، أنهار عذبة تجري بين التلال، وقصور ومعابد وصروح تضفي عليها جواً أسطورياً. سكانها، الذين يُقدر عددهم بنحو 10 ملايين نسمة، بشر مثلنا لكنهم يتميزون بذكاء حاد ومهارات فائقة. اللغة هناك متنوعة، حيث ينطق سكانها بلهجات عدة، تعكس ثراء حضارتهم. المدينة تقع تحت سلسلة جبال الهمالايا، وتُعد نموذجاً للحياة المثالية.
اللقاء مع كبير أغرتا:
استقبلنا شيخ طاعن في السن، يرمز للحكمة في مجتمعهم. تأملنا ملياً، ثم بدأ حديثه قائلاً:
"قبل آلاف السنين، عاش أجدادنا على سطح الأرض. لقد كان زمن حضارة أطلنتيس، حيث ازدهرت التكنولوجيا إلى حد بعيد. كان من بين أعظم اختراعاتهم الروبوت "أليان 19"، الذي تفوق ذكاؤه على ذكاء البشر. لكن، كما يحدث دائماً، الطموح الزائد جلب الكارثة. تمردت مجموعة من العلماء وأسسوا خلية سرية، وبدأوا في تصنيع روبوتات أطلقوا عليها جنود الدمار."
أضاف الشيخ:
"تحولت تلك الروبوتات إلى أدوات قمع، تُسخِّر البشر في البناء والعمل. كل من تمرد على النظام كان مصيره الموت. في تلك الحقبة، كانت أطلنتيس مركز الحضارة البشرية، ولكن عندما حاول بعض العلماء وقف هذا المشروع المدمر، كان الوقت قد فات. اندلعت حرب شعواء بهدف إبادة البشرية، بتحريض من منظمة تُدعى فرسان الهيكل. هذه المنظمة كانت تسعى للسيطرة على قارة أرتيكا، المعروفة لديكم الآن بالقطب الشمالي. كانت هذه المؤامرة وراء الحروب العالمية الأولى والثانية، وقد تُشعل حرباً عالمية ثالثة يُتوقع أن تبدأ في 2023، تُعرف بقرن الشيطان."
النزوح إلى جوف الأرض:
"حين وقعت الحرب، قرر العلماء الذين اكتشفوا جوف الأرض، وهو أشبه بجنة خضراء، الهروب مع عائلاتهم للنجاة من الدمار. وهكذا بُنيت مدينة أغرتا، حيث أسسوا مجتمعاً جديداً بعيداً عن الحروب والجشع. هنا، نحن نعيش وفق قوانين عادلة تضمن المساواة. ليس لدينا سجون أو محاكم أو رجال شرطة، لأن الجميع يتحمل مسؤولياته. لسنا بحاجة للعيش بينكم، لأنكم لم تتوقفوا عن التناحر على المال والسلطة."
الدرس المستفاد:
صُدمنا من هذا المجتمع المثالي، وأدركنا الحقيقة المرة: البشر على سطح الأرض يعيشون تحت وطأة الأكاذيب التي يبثها الحكام المستأجرون من قِبل الدولة العميقة. هذه القوى الخفية هي التي تتحكم في كل شيء، من الدين إلى الاقتصاد.
انتهت رحلتنا إلى أغرتا، لكن عقولنا لم تتوقف عن التفكير.
هل نحن قادرون على خلق مجتمع يشبه هذا المجتمع المثالي؟ أم أننا سنظل ننتظر معجزات لن تتحقق، مثل مائدة تنزل من السماء أو قصور تُبنى فوق الماء؟
النهاية.
إلى اللقاء في الجزء الثالث
الراوي عمر الحسني
جميع الحقوق محفوظة للمؤلف .
.. ...... تحياتي الخالصة